عربي 21

عطل فيسبوك الكاشف وموسم الهجوم على مواقع التواصل

انقطع موقع فيسبوك وتوابعه عن العالم لعدة ساعات، لكن هذه الفترة كانت كافية لظهور بعض ردود الفعل الكاشفة عن عدة أمور. أول هذه الردود كان من بعض الأشخاص الذين حاولوا تمثيل عمق زائف بالقول إنهم تمنوا لو كان العطل امتد أكثر من ذلك حتى نتخلص من الارتباط الزائد مع مواقع التواصل، لأن الحياة بدونها أجمل بكثير! الغريب أن هؤلاء كتبوا أمنياتهم تلك على حساباتهم بمواقع التواصل التي يتمنون لو تختفي! وإذا كانوا يكرهون تلك المنصات لهذه الدرجة فيمكنهم ببساطة مغادرتها وإغلاق حساباتهم، والاستمتاع بعالمهم “الحقيقي” كما يريدون.

رد الفعل الآخر جاء من بعض مستخدمي تويتر الذين شعروا بالتميز بسبب صمود الموقع وعدم تعطله، حتى إنهم كتبوا تغريدات متعالية على رواد فيسبوك وتصوروا أنهم سيهرعون لإنشاء حسابات على تويتر ليصبحوا متميزين أيضا! رغم أن العطل لم يستمر سوى وقت قصير.

ولم تمر المشكلة خالية من الأخبار الزائفة كذلك، إذ انتشر خبر عالمي يزعم أن طفلا صينيا وراء العطل ونُسب إلى وكالة رويترز، مع صورة لأحد الأطفال الصينيين، وسرعان ما نفت فيسبوك الشائعة وقالت إن الموقع لم يتعرض لأي قرصنة، وهو ما يشير إلى أن العالم سيظل يعاني من مشكلة الأخبار الكاذبة حتى إذا اختفت مواقع التواصل المتهمة بأنها السبب الرئيسي في نشرها، حتى مع الإقرار بحقيقة أنها تلعب دورا في ذلك.

وعلى ذكر الأخبار الزائفة، انتشرت في نفس اليوم شائعة منسوبة لموقع فرنسي تزعم أن عدد من تظاهروا تأييدا للرئيس التونسي قيس سعيد بلغ 1.8 مليون شخص! والغريب أن الرئيس التونسي نفسه استعان بتلك المعلومة المغلوطة وقالها في تصريح تلفزيوني، وهي شائعة تذكر بخبر كاذب نشره الإعلام المصري ونسبه لسي إن إن؛ يزعم أن 33 مليون شخص خرجوا في مظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013 واستخدمه النظام بعد ذلك مرات عديدة، في مؤشر على أن الاستخدام السياسي للأخبار الكاذبة سيظل كذلك، وأن ما حدث في تونس يتطابق باستمرار مع “التجربة” المصرية.

وفي ما يتعلق بالإعلام، كشف العطل ظاهرة تردي وسائل الإعلام في مصر لدرجة مخيفة، إذ نشر بعضها شائعة تورط الطفل الصيني في قرصنة فيسبوك، ومنها موقع مؤسسة أخبار اليوم العريقة، والذي نشر تقريرا ثانيا مليئا بالأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية والمعلوماتية بعنوان “تعطل مواقع التواصل الاجتماعي يثير غضب أهالي المنيا”! ويكفي أن نقتبس هنا الفقرة الأولى من التقرير المحذوف بأخطائها الكارثية كما هي، يقول التقرير، “سادت حالة من الغضب والاستياء بين اهالي محافظة المنيا، خاصة أن قاموا دولة الصين باختراق وسائل الاجتماعي فيس بوك وتويتر وواتس اب وذلك من أجل التجسس على الشعب المصري”!! هذا هو الإعلام الذي تنفق عليه الدولة المصرية المليارات وتسيطر على ملكيته بشكل كامل، وهذه هي المواقع الإخبارية التي يريد البعض أن نترك مواقع التواصل من أجل متابعتها ومعرفة ما يحدث حولنا في العالم عن طريقها!

الحقيقة أن عطل فيسبوك يثبت أهمية مواقع التواصل أكثر من أي وقت مضى، فهي نافذة وفرت للبشر فرصا هائلة للتفاعل وإقامة مئات العلاقات الجديدة، وشخصيا كونت عشرات الصداقات عبر هذه المنصات وهي وسيلتي الوحيدة تقريبا للاتصال بمعظمهم، أما الهجوم على فيسبوك وأخواته فيحدث موسميا ولا يستمر كثيرا؛ لأنه أصبح من أساسيات الحياة ولا غنى عنه حتى مع بعض سلبياته التي لا تخلو منها أي وسيلة أخرى.

تم نشر هذا المقال في العربي 21

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى