عربي 21

تبريرات مؤيدي روسيا في حربها على أوكرانيا

انقسم الرأي العام العربي والإسلامي تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا، ما بين تأييد أحد المعسكرين، أو الحياد، أو التشفي في الطرفين وتمني استنزافهما لوقت طويل.

لكن كان لافتا أن بعضا من مؤيدي روسيا حرصوا إما على إخفاء تأييدهم وراء شعارات ومقولات أخرى، أو توزيع المسؤولية على كافة الأطراف للإيحاء بأن جميع الأطراف متورطة ومجرمة، على طريقة صرخة “كلنا فاسدون” التي أطلقها الفنان أحمد زكي في فيلم “ضد الحكومة”.

ويمكن استعراض أبرز الحجج والتبريرات التي قدمها هؤلاء في الفقرات التالية..

أولا: زيلينسكي مهرج!

فجأة ومع بداية الغزو الروسي، ظهرت مقولة غريبة مفادها أن ما تتعرض له أوكرانيا نتيجة طبيعية عندما ينتخب شعب مهرجا ليحكمه، في إشارة إلى عمل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ممثلا قبل ترشحه للانتخابات الرئاسية.

كان لافتا أن بعضا من مؤيدي روسيا حرصوا إما على إخفاء تأييدهم وراء شعارات ومقولات أخرى، أو توزيع المسؤولية على كافة الأطراف للإيحاء بأن جميع الأطراف متورطة ومجرمة، على طريقة صرخة “كلنا فاسدون”

ويمكن القول إن هذا الكلام “تهريجي” بامتياز، فما المانع أن يصبح ممثل رئيسا لبلاده إذا وصل لمنصبه جراء انتخابات حرة ونزيهة؟ وقد سبقه آخرون انتقلوا من الاستوديوهات إلى السياسة وأصبحوا رؤساء، أبرزهم الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان. كما أن زيلينسكي استطاع توحيد بلاده أكثر من أي وقت مضى لمواجهة الغزو الروسي، كما استطاع حشد تأييد دولي واسع وغير مسبوق بسبب أدائه وقراراته وتصريحاته، بغض النظر عن تقييمنا لسياساته نفسها وخاصة موقفه الداعم لإسرائيل.

ثانيا: أوكرانيا استفزت روسيا!

حمّل البعض أوكرانيا مسؤولية اندلاع الحرب، بدعوى أنها اعتمدت على الغرب أكثر من اللازم و”استفزت” روسيا بتقاربها مع الغرب ورغبتها في الانضمام لحلف الناتو، ولذلك لم تجد الأخيرة بدّا من الرد على هذا الاستفزاز المزعوم!

تمثل هذه المقولات نموذجا للتدليس والتضليل، فروسيا هي من بادرت باحتلال شبه جزيرة القرم منذ ثماني سنوات كاملة عقابا للشعب الأوكراني على إطاحته بالرئيس الموالي لموسكو. كما أنها تدعم الانفصاليين في منطقتي دونيستك ولوهانتسيك منذ ذلك الوقت، وأدى ذلك إلى حرب أهلية راح ضحيتها أكثر من 12 ألف مدني أوكراني، ولذلك لم تجد أوكرانيا بدّا من التوجه غربا بحثا عن ملاذ وحماية من جارتها التي تعاديها وتقضم من أراضيها وتخطط لابتلاعها. فكيف بعد كل ذلك يقال إن أوكرانيا هي من “استفزت” روسيا بتقاربها مع الغرب؟ وما هي صفة بوتين أصلا حتى يقرر معالم السياسة الخارجية لأي بلد آخر؟

يعتقد بوتين أن روسيا هي الاتحاد السوفييتي، وأن من حقها أن تمنع جيرانها من الانضمام للناتو، وهو منطق استعماري استخدمته الدول الغربية قبل ذلك وكنا أبرز ضحاياه، لذلك لا يجب أن نؤيد نفس المنطق لمجرد أن من يستخدمه هذه المرة بلد مختلف، أو أن ضحاياه مختلفون.

إن من يقولون إن بوتين من حقه غزو أوكرانيا بسبب توجهها للغرب إنما يعطي تبريرا خطيرا بعد ذلك لأي دولة أخرى تقرر غزو جيرانها، وهو تبرير سنعاني منه نحن دول العالم الثالث لأننا من يتعرض للغزو منذ قرون، ولأننا في موقعنا الحالي أقرب لموقف أوكرانيا منا لموقف روسيا، وقد نجد أنفسنا في يوم ما نعاني مما يعانونه باستخدام نفس الحجج.

نجد أن روسيا قتلت عشرات الآلاف من أبناء الشعب السوري طوال سنوات، فضلا عن دعمها لمجرمين آخرين في الوطن العربي والعالم، تسببوا في مقتل الآلاف، مثل خليفة حفتر في ليبيا، وإيران التي أجهضت الثورتين اليمنية والسورية وقتلت مئات الآلاف من السوريين واليمنيين، وصربيا التي قتلت عشرات الآلاف من المسلمين في البوسنة وكوسوفو، فضلا عن تدمير الشيشان

ومن المؤكد أن إسرائيل سعيدة جدا بتلك التبريرات لأنها ستعطيها حججا تستخدمها للدفاع عن احتلالها للأراضي العربية. كما أن تلك المقولات مماثلة لتلك التي يستخدمها أنصار الأنظمة العربية عندما يبررون قتل معارضيهم، إذ يقولون إن جنود الأمن تعرضوا “لاستفزازات” من المتظاهرين، فلم يكن أمامهم سوى أن يطلقوا النار ويقتلون من يستفزهم!

ثالثا: زيلينسكي يدعم إسرائيل!

استند البعض إلى تغريدة نشرها الرئيس الأوكراني أعلن فيها دعمه لإسرائيل أثناء عدوانها الأخير على قطاع غزة، واعتبروا أن الغزو الروسي لبلاده “عقاب” من السماء على تلك التغريدة! كما ركزوا على تصريحات زيلينسكي التي تحدث فيها مرارا عن علاقته القوية بإسرائيل لتأكيد صحة موقفهم.

حسنا، لقد دعم الرئيس الأوكراني إسرائيل بتغريدة، وهو موقف سيئ جدا بالطبع، لكن هل قتل زيلينسكي أي عربي أو مسلم؟ هل شنت بلاده غارات على أي بلد عربي؟ الإجابة لا. لكن في المقابل، نجد أن روسيا قتلت عشرات الآلاف من أبناء الشعب السوري طوال سنوات، فضلا عن دعمها لمجرمين آخرين في الوطن العربي والعالم، تسببوا في مقتل الآلاف، مثل خليفة حفتر في ليبيا، وإيران التي أجهضت الثورتين اليمنية والسورية وقتلت مئات الآلاف من السوريين واليمنيين، وصربيا التي قتلت عشرات الآلاف من المسلمين في البوسنة وكوسوفو، فضلا عن تدمير الشيشان وقتل أهلها قبل سنوات. فهل يتساوى كل هذا الإجرام مع تغريدة واحدة لم يتبعها أي فعل؟ وحتى بمنطق مساندة إسرائيل، فإن موسكو تترك تل أبيب تشن غارات كما يحلو لها على أهداف تابعة لنظام الأسد والمواقع الإيرانية في سوريا، وتؤكد دائما التزامها بأمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس.

حتى بمنطق مساندة إسرائيل، فإن موسكو تترك تل أبيب تشن غارات كما يحلو لها على أهداف تابعة لنظام الأسد والمواقع الإيرانية في سوريا، وتؤكد دائما التزامها بأمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس

نعم نحن هنا نقارن بين السيئ من ناحية، والأسوأ بمئات المرات من ناحية أخرى، لذا فإن من أبجديات وبديهيات السياسة أن من مصلحتنا كشعوب عربية وإسلامية أن يهزم بوتين وتنكسر شوكته حتى تتنفس الشعوب المقهورة جراء الإجرام الروسي، وانتقاما للدم العربي والمسلم الذي أراقه بوتين أنهارا طوال أكثر من 20 عاما.

في نفس الإطار، نشر البعض مقاطع فيديو لوصول مئات اليهود الأوكرانيين إلى إسرائيل هربا من القصف الروسي، وكأنهم يقولون “انظروا، ها هي إسرائيل تقدم يد العون لأوكرانيا، إذن أوكرانيا مجرمة وتساهم في زيادة الاستيطان الإسرائيلي!”. هذه الحجة تحمل وقاحة متناهية، لأن بوتين هو السبب الأول والأخير لأي زيادة في الاستيطان داخل إسرائيل، فلولا حربه على أوكرانيا ما كان هؤلاء تركوا بلادهم وبحثوا عن ملاذ آخر، ولذلك يجب أن يوجه السخط إلى روسيا وليس إلى أي طرف آخر.

نفس الأمر تكرر مع رغبة البعض في شيطنة الدول الغربية، عندما قالوا إن تقارير تتحدث عن حالات ابتزاز جنسي للنازحات الأوكرانيات وانتهاكات ومعاملة سيئة تعرض لها الأوكرانيون في بلدان أوروبية، وكالعادة تجاهل هؤلاء أن روسيا هي المسؤولة الأولى عن أي مصاعب يواجهها اللاجئون الأوكرانيون، لأنهم لم يكونوا ليتركوا بلادهم لولا الغزو الروسي. كما أن البلدان الأوروبية اضطرت إلى التعامل مع موجة كاسحة من اللاجئين لم يكونوا يتوقعونها، ولا بد أن تحدث انتهاكات مثل هذه مع الأسف، لكن يجب أن توجه اللعنات إلى بوتين لأنه السبب كما ذكرنا.

رابعا: الغرب ورّط أوكرانيا في الحرب ويرغب في التصعيد!

يقول هذا الرأي إن الغرب (أوروبا وأمريكا) حرض أوكرانيا على تحدي روسيا، وإن الأخيرة لديها الحق في منع أوكرانيا من الالتحاق بحلف الناتو، على اعتبار أنها كانت ضمن بلدان الاتحاد السوفييتي السابق! ويبدو أن هؤلاء الجهابذة لا يدركون أن الاتحاد السوفييتي تفكك منذ عقود، وأن الدول التي كانت تخضع لسلطته قد حصلت على استقلالها، وأن روسيا الحالية ليست هي الاتحاد السوفييتي وليس من حقها أن تفرض أي شيء على جيرانها، وأن أي دولة من حقها أن تقرر مصيرها وتلتحق بما تشاء من أحلاف، وليس من حق أي دولة أخرى أن تمنعها من ذلك أو تفرض عليها خياراتها.

الاتحاد السوفييتي تفكك منذ عقود، وأن الدول التي كانت تخضع لسلطته قد حصلت على استقلالها، وأن روسيا الحالية ليست هي الاتحاد السوفييتي وليس من حقها أن تفرض أي شيء على جيرانها

ضمن هذه الحجة، كتب الصحفي والباحث الناصري أحمد السيد النجار مقالا طويلا عرض فيه أرقاما وإحصائيات عن تطور إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز، ليخلص من ذلك إلى أنها هي من أشعلت الحرب! مبررا هذا التفسير العجيب بأن واشنطن تبحث عن سوق لصادراتها، وبالتالي فهي صاحبة مصلحة في منع تصدير الغاز الروسي لأوروبا لإحلال الغاز الأمريكي بدلا منه.

حسنا، سنفترض أن هذه الحجة صحيحة، رغم أنها ليست كذلك، ببساطة لأن بوتين هو من بدأ الحرب، لكن كما قلنا سنسير مع هذه الحجة إلى النهاية، وسنرى أن بوتين “ضحية” للمكر والخبث الغربي الذي يرغب في إيقاعه في الفخ؛ إذن يجب على بوتين أن يفسد خطط الغرب وينهي الحرب حتى لا يقع في الفخ!

سادسا: روسيا الاشتراكية تواجه الرأسمالية والإمبريالية الأمريكية!

تشعر أطياف من اليسار العربي بالحنين للاشتراكية التي كان يطبقها الاتحاد السوفييتي ويسعى لنشرها في أنحاء العالم. وقد نقلوا تلك الصورة إلى روسيا باعتبارها وريثة الاتحاد المنهار الذي الغرب الرأسمالي الإمبريالي، ولذلك وجدنا شخصيات يسارية مصرية على سبيل المثال تبدي تأييدها لروسيا. ونشرت السفارة الروسية في القاهرة صورة للسفير مع أشخاص مجهولين قالوا إنهم “أعضاء الأحزاب الشيوعية”، الذين يدعمون العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.

ولا توجد حجة أكثر عبثية وإثارة للسخرية من تلك؛ لأن روسيا أصبحت نظاما رأسماليا منذ عقود، بل تطبق إحدى أكثر النسخ الرأسمالية توحشا وبعدا عن إيجابياتها، إلا إذا كان يتامى روسيا يعتبرون أن تحكم بوتين والزمرة المحيطة به بمئات المليارات من الدولارات والعشرات من اليخوت الفاخرة “اشتراكية” من نوع جديد!

أما بشأن الإمبريالية فهو كلام كوميدي هو الآخر، إذ تحتل روسيا عددا من المناطق حول العالم. فلها قوات في أقاليم بعد دول مثل أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا، فضلا عن الشيشان وسوريا وليبيا وفنزويلا وأفريقيا الوسطى ومالي. كما أن سيطرة الاتحاد السوفييتي نفسه على شرق أوروبا لم تكن عبر إلقاء الورود على السكان! بل بالقوة المسلحة.

سابعا: الغرب تخلى عن أوكرانيا والشعب الأوكراني هو الضحية

كانت تلك الدعاية الرئيسية في أيام الحرب الأولى، عندما كانت ردود الفعل الغربية على الغزو باهتة، إذ اتهموا زيلينسكي بأنه “أحمق” وأنه ورط بلاده في الحرب لمصلحة الغرب. ووجد البعض الفرصة لترديد مجموعة من “الإكليشيهات” والمقولات المعلّبة، مثل مقولة “المتغطي بالغرب عريان”. وبعد تدخل الغرب القوي بالعقوبات والدعم العسكري لأوكرانيا، لم يعدم هؤلاء الحجة، فقالوا إن الحرب تحولت إلى صراع بين طرفين شريرين، وإن الشعب الأوكراني هو الضحية!

السياسة ليس فيها أخيار وأشرار، فكل الأطراف تحمل مزيجا معقدا ولا يصح التعامل معها بتلك النظرة الساذجة، إلا أنه يمكن القول إن هذا الطرح مستمد من رؤية جانب من النشطاء الثوريين العرب للصراع داخل بلادهم، إذ تقتصر تلك الرؤية على أن الجميع أشرار ومجرمون، والثوار وحدهم هم الأنقياء

وبغض النظر عن سطحية هذا الطرح وتهافته، لأن السياسة ليس فيها أخيار وأشرار، فكل الأطراف تحمل مزيجا معقدا ولا يصح التعامل معها بتلك النظرة الساذجة، إلا أنه يمكن القول إن هذا الطرح مستمد من رؤية جانب من النشطاء الثوريين العرب للصراع داخل بلادهم، إذ تقتصر تلك الرؤية على أن الجميع أشرار ومجرمون، والثوار وحدهم هم الأنقياء، وهو الذي ترجم في مصر على سبيل المثال بشعار “يسقط كل من خان، عسكر فلول إخوان” على طريقة صيحة “كلنا فاسدون” التي أطلقها الفنان أحمد زكي في فيلم “ضد الحكومة”، والآن نقلوا هذا الشعار من المحلية إلى العالمية! وقد وجد كاتب هذه السطور سياسيين ونشطاء ثوريين يكتبون منشورات على صفحاتهم تحمل هذا المعنى بالضبط، وكأنهم لم يتعلموا شيئا ومستمرون في محاربة طواحين الهواء.

وماذا عن الغرب؟

هذه هي الحجة الأشهر التي يتعامل معها البعض لإخفاء تأييده لروسيا، فهو يتهم منتقدي نظام بوتين بأنه يؤيد الغرب الذي قتل مئات الآلاف من الشعوب العربية والإسلامية في أفغانستان والعراق.. إلخ، وتطوع آخرون لنشر صور مشاركة القوات الأوكرانية ضمن الوجود الأجنبي في العراق بعد الغزو الأمريكي، وكأن بوتين ينتقم للعراق!

المسخرة هنا ليست فقط في التدليس، وليست في أن هؤلاء يعتبرون مشاركة الأوكرانيين الرمزية في العراق إجراما يستحقون عليه تدمير بلادهم واحتلالها وتشريد ملايين السكان الذين لا ذنب لهم، وإنما في أن روسيا قتلت عشرات الآلاف من الشعبين الشيشاني والسوري، فهل هؤلاء ليسوا مسلمين مثلا حتى لا يتباكى هؤلاء عليهم؟

في هذا الإطار أيضا، احتفى البعض برفع جماهير نادي النجم الأحمر الصربي لكرة القدم لافتة تحمل أسماء أكثر من 20 دولة في العالم تعرضت للقصف الأمريكي، في معرض تأييدهم لروسيا، ونسي هؤلاء المحتفون أن صربيا نفسهم قتلت آلاف المسلمين في البوسنة وكوسوفو، وبتأييد كامل ومساندة ودعم من روسيا! إلى هذا الحد وصل العبث الهزلي من هؤلاء.

الغرب يحرض على استمرار الحرب!

وصل العبث بمؤيدي الإجرام الروسي إلى حجج عجيبة، من قبيل اتهام الغرب بأنه يحرض على استمرار الحرب لأنه يمد أوكرانيا بالأسلحة! وأن الغرب يريد قتال روسيا حتى آخر أوكراني! فها هم أشخاص يدعون أنهم يناصرون الضعفاء يلومون الضحية على أنها تدافع عن نفسها، وسط إصرار روسي واضح عبّر عنه بوتين مرارا على عدم وقف الحرب حتى يحقق أهدافه منها، ورفض للتفاوض مع أوكرانيا. فما المطلوب بالضبط أن يفعله الغرب إزاء هذا؟ هل يترك بوتين يفعل ما يريد ويحتل دولة تلو الأخرى حتى لا يبدو وكأنه محرض؟ والمضحك أنهم في هذه الحالة سيعودون للحجة القديمة التي ذكرناها سابقا، والتي مفادها أن الغرب تخلى عن أوكرانيا وتركها فريسة سهلة لروسيا، وأحيانا يردد نفس الشخص الحجتين المتناقضتين!

سكت الغرب وتراجع كثيرا أمام روسيا، منذ أن فرضت السيطرة على الشيشان بالقوة، مرورا باحتلال إقليمي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا في جورجيا، ثم ابتلاع القرم وضمها عام 2014، وكذلك إشعال حرب أهلية شرقي أوكرانيا في إقليم دونباس

لقد سكت الغرب وتراجع كثيرا أمام روسيا، منذ أن فرضت السيطرة على الشيشان بالقوة، مرورا باحتلال إقليمي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا في جورجيا، ثم ابتلاع القرم وضمها عام 2014، وكذلك إشعال حرب أهلية شرقي أوكرانيا في إقليم دونباس. كل ذلك يبدو أن مؤيدي روسيا لا يعرفونه، وكأن بوتين استيقظ من نومه فجأة وقرر أن يغزو أوكرانيا، وكأنه لم يحضّر للأمر منذ سنوات.

قد يرد البعض قائلا إن حلف الناتو هو من استفز روسيا بضمه دولا مجاورة لها في الحلف، وهنا نعود مرة أخرى إلى الرد المكتوب على الحجة الثانية، والتي تقول ببساطة إن روسيا ليست الاتحاد السوفييتي حتى يقرر شيئا نيابة عن دول شرق أوروبا.

لقد أدرك الغرب بوضوح أن بوتين يجب أن يهزم في أوكرانيا، لأن أي نتيجة غير تلك ستجعله يتشجع ويعيد الكرّة من جديد في بلدان أخرى لا يخفي أطماعه فيها، مثل جورجيا ومولدوفا ودول البلطيق، ولذلك فإن الهزيمة العسكرية هي السبيل الأوحد لوقف بوتين.

تم نشر هذا المقال في عربي 21

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى