الجزيرة مباشرالعالم العربيسياسة

حراك الجزائر ومصر 2011.. كيف يتشابهان وفيم يختلفان؟

منذ انطلاق الاحتجاجات في الجزائر ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة وحتى الإعلان عن استقالته، كثر الحديث عن وجود نقاط تشابه بين الحراك في الجزائر وما حدث أثناء ثورة يناير في مصر 2011.

في هذا التقرير نعرض بعضا من مظاهر التشابه والاختلاف بين البلدين.

طول مدة الحكم
  • تعد السمة الأبرز التي يشترك فيها كل من نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
  • استمر مبارك في سدة الحكم لمدة 30 عاما، فيما استمر بوتفليقة 20 عاما، وهو ما يجعل من كل منهما صاحب أطول فترة حكم في تاريخ بلديهما بعد الاستقلال.
  • تزامنت طول فترة الحكم في كل من البلدين مع وجود سخط عام فيهما على انتشار الفساد والمحسوبية، ووجود مجموعات منتفعة من رجال الأعمال حول الرئيس وعائلته، في ظل أحاديث تدور عن إمكانية توريث الحكم إلى الابن (في حالة مبارك) أو الأخ (في حالة بوتفليقة)؛ لكن مبارك لم يكن يعاني من تدهور صحته مثلما عانى بوتفليقة الذي أصيب بسكتة دماغية منذ 2013 ونادرا ما كان يظهر في أي فعاليات عامة.
التأثير المتبادل
  • انطلقت الاحتجاجات في البلدين تأثرا بمثيلاتها في دولة عربية أخرى.
  • في مصر تأثر المتظاهرون بهروب الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، فخرجوا إلى الشوارع ينشدون تحقيق نفس الإنجاز.
  • اندلعت الاحتجاجات في الجزائر بعد نحو شهرين من المظاهرات في السودان ضد الرئيس عمر البشير، والتي انطلقت في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2018.
اندلعت الاحتجاجات في الجزائر بعد نحو شهرين من المظاهرات في السودان ضد الرئيس عمر البشير (رويترز)
الاحتجاجات
  • على عكس دول أخرى، اتسمت الاحتجاجات في مصر والجزائر بقصر مدتها، فقد استمرت في مصر ما يقرب من أسبوعين ونصف (من 25 يناير/ كانون الثاني حتى 11 فبراير/ شباط 2011)، فيما استغرقت في الجزائر ما يقرب من شهر ونصف (من 22 فبراير/ شباط حتى 2 أبريل/ نيسان 2019).
  • اتسمت الاحتجاجات في البلدين بشكل عام بالطابع السلمي، رغم أن الجزائر اتسمت بالسلمية المطلقة من جانب المتظاهرين وأجهزة الأمن على حد سواء، فلم يسقط سوى شخص واحد فقط نتيجة التدافع في مارس/ آذار الماضي، لكن مصر شهدت اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل 845 متظاهر طوال أيام الثورة.
المناورة
  • حاول كل من مبارك وبوتفليقة الالتفاف على مطالب المحتجين باتخاذ عدة إجراءات، إلا أنهما فشلا في احتواء المظاهرات.
  • تمثلت تلك المحاولات في إقالة الحكومة، ثم الإعلان عن عدم النية للترشح مرة أخرى في الانتخابات، لكن إصرار المحتجين على تنحي كل من الرئيسين أجبرهما على الخروج من المشهد.
انحياز الجيش
  • انحاز الجيشان المصري والجزائري في البداية لصالح المظاهرات.
  • في مصر طمأن المجلس العسكري بقيادة المشير حسين طنطاوي الجماهير بأنه لن يطلق رصاصة واحدة عليهم، ثم انعقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بدون وجود مبارك، في رسالة فهم منها أنها طلب من الجيش بتنحي مبارك لإنقاذ البلاد من الوقوع في الفوضى.
  • في الجزائر حاول رئيس الأركان أحمد قايد صالح في البداية التحذير من الحراك الجماهيري، مذكرا بسنوات العشرية السوداء التي راح ضحيتها مئات الآلاف من الجزائري، لكن استمرار الحراك أدى إلى تغيير في رؤيته للأحداث، ليطلب بعد ذلك بشكل واضح تطبيق المادة 102 من الدستور التي تتناول شغور منصب رئيس الجمهورية. وكرر ذلك المطلب عدة مرات حتى أعلن بوتفليقة عن استقالته.
  • يتشابه كل من المشير حسين طنطاوي والفريق أحمد قايد صالح في عدة أمور، فقد قضيا سنوات طويلة في منصبيهما (طنطاوي 21 عاما وزيرا للدفاع وقايد صالح 15 عاما رئيسا للأركان) والاثنان تجاوزا الخامسة والسبعين من عمرهما عند اندلاع الاحتجاجات في بلديهما. وكلاهما انحازا إلى المتظاهرين بعد تردد في البداية، مع حديث مراقبين عن قيام الجيش بالتضحية بالرئيس في كل من البلدين ليتمكن من الاستمرار في الاحتفاظ بالسلطة.
  • ينال كل من طنطاوي وقايد صالح تقديرا من نوع خاص، كونهما من أواخر الموجودين على الساحة ممن شاركوا في المعارك الوطنية الكبرى، فقد شارك طنطاوي في حرب أكتوبر قائدا لإحدى الكتائب، وشارك في معركة المزرعة الصينية التي تعد أحد أبرز معارك الحرب، فيما شارك قايد صالح في الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، ويتحدث عن ذلك بفخر ويصف نفسه بأنه “مناضل” ضد الاستعمار.
رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح (يمين) والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (رويترز)
الإجراءات اللاحقة
  • أعلن عن تنحي مبارك واستلام المجلس العسكري مقاليد الحكم، لكن في الجزائر حرص الجيش على عدم تولي السلطة بشكل مباشر، وأعلن عن شغور منصب الرئيس تمهيدا لنقل السلطة إلى رئيس مؤقت سيكون في الأغلب رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح.
  • تتشابه الإجراءات التي اتخذت في كل من مصر والجزائر عقب إعلان تنحي الرئيسين مبارك وبوتفليقة.
  • شملت تلك الإجراءات القبض على رجال أعمال وشخصيات نافذة مقربة من الرئيس بتهم الفساد والتربح بشكل غير شرعي.
  • تحول الجيش في مصر والجزائر إلى القوة الأولى في البلاد بلا منازع، بعد أن كانت هناك قوى أخرى لا يستهان بها تنازعه المكانة، أبرزها مؤسسة الرئاسة نفسها وأجهزة المخابرات والأجهزة الأمنية والسيادية.
  • في مصر تم القضاء على نفوذ جهاز أمن الدولة بعد اقتحام مقراته والقبض على الضباط الموجودين فيه، وسط أحاديث عن تشجيع من قوات الجيش التي كانت مكلفة بحراسة المقرات. كما تم إقصاء عمر سليمان مدير المخابرات العامة ونائب الرئيس عن كافة مناصبه.
  • في الجزائر أعلن عن استقالة المدير العام لجهاز المخابرات الجزائرية عثمان بشير طرطاق، وأعلن بعد ذلك عن نقل تبعية أجهزة المخابرات والأمن العام إلى وزارة الدفاع، بعد أن كانت تتبع رئاسة الجمهورية.
صورة متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للواء بشير طرطاق مدير المخابرات الجزائرية السابق
أجواء مختلفة
  • رغم تشابه الحراك في البلدين، إلا أن حراك الجزائر يأتي في ظل أجواء محلية وإقليمية ودولية مختلفة تماما.
  • جاء حراك الجزائر بعد القمع العنيف الذي تعرضت له الموجة الأولى من الربيع العربي في مصر واليمن وسوريا وليبيا، فيما تعد تونس الاستثناء الوحيد الذي حافظ على هامش كبير من مكتسبات الثورة.
  • أيضا جاءت مظاهرات الجزائر وسط أجواء دولية لا تشجعها على الإطلاق، فبعد ترحيب بالموجة الأولى من الربيع العربي، ظهرت هواجس الحرب على الإرهاب وموجات اللاجئين التي أقلقت العواصم الأوربية والعالمية، وجعلتها أكثر تحفظا بكثير تجاه الاحتجاجات، وفضلت دول العالم التعامل مع حكام ديكتاتوريين للحفاظ على استقرار البلاد العربية بدلا من السماح بالحريات السياسية. خاصة مع وجود الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة، المعروف عنه انحيازه للحكام المستبدين مقابل تحصيل أموال طائلة منهم، على العكس من الرئيس السابق أوباما الذي لم يمانع في مساندة الثورات في بدايتها في تونس ومصر وليبيا، قبل أن تتحول المساندة إلى تحفظ فيما يتعلق بالثورة السورية.
تطلعات الشعوب
  • انتشرت في مصر والجزائر أحاديث ومنشورات تمجد في قيادة الجيش وانحيازها للثورة وتنسب لها الفضل في إنجاح الحراك الجماهيري.

 

  • انشغلت فئات من الجزائريين كذلك بالحديث عن الثروات الطائلة التي نهبت، وكيف يتم استرجاعها وتوزيعها على المواطنين.

 

  • تحدث المصريون عقب تنحي مبارك عن ثروته التي قدرت وقتها بسبعين مليار دولار، فيما يتساءل الجزائريون حاليا عن مبلغ “تريليون دولار” يقولون إنه أنفق في عهد بوتفليقة ولم يؤد إلى نهضة البلاد.
  • تكرر الحديث في مصر والجزائر عن محاولات لتهريب مليارات الدولارات وثروات يمتلكها رجال الرئيس وأفراد عائلته إلى الخارج، وهو ما دعا الجيش في الجزائر إلى منع إقلاع أو هبوط الطائرات الخاصة حتى إشعار آخر.

  • ظهرت منشورات جزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي تحتفي بخبر يفيد بتعيين اللواء “محمد قايدي”، مدير الأمن العسكري، رئيسا للمخابرات الجزائرية، وتتحدث عن سنه الصغير وإمكانياته الكبيرة وأقواله المأثورة وتدينه العميق، وهو ما ذكر عددا من المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي بما كان يقال عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء توليه منصب مدير المخابرات الحربية ثم وزيرا للدفاع.
  • حديث الجزائريين عن تمجيد الجيش والحديث عن الثروات المنهوبة أثار سخرية على مواقع التواصل في مصر، وجعل المصريين يتوجهون للجزائريين بنصائح حول ضرورة عدم ترك الميدان وعدم تسليم السلطة للجيش أو إحسان الظن بالقيادات العسكرية.
  • يبقى مستقبل الحراك الجزائري رهنا بالتطورات الشعبية والسياسية وتفاعلها مع تحركات الجيش ومحاولات التدخل الداخلية والخارجية، فيما إذا كان سيشبه نظيره في مصر الذي انتهى إلى انقلاب عسكري، أم سيتعلم الجزائريون الدرس ويقررون مصيرا مختلفا.

تم نشره بموقع الجزيرة مباشر بتاريخ      4/7/2019

الرابط الاصلي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى