“صادق وأمين وشريف”.. مغالطات السيسي عرض مستمر
وقد وصل عدد الادعاءات الكاذبة أو المضللة التي قالها ترمب ورصدتها صحيفة واشنطن بوست عبر فريق من مدققي الوقائع التابعين لها 3259 كذبة حتى يونيو/حزيران من العام الماضي.
ووصل العدد بعد إتمام ترمب عامين في البيت الأبيض إلى 7 آلاف و600 معلومة مغلوطة. ويتعلق أبرز تلك الأكاذيب بنفي اتهامات منسوبة إليه منها مسألة التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، واتهامات تتعلق بعلاقات جنسية منسوبة إليه.
في مصر، ومنذ انقلاب الثالث من يوليو/تموز وحتى اليوم، وجد المصريون أنفسهم أمام المئات من الأكاذيب التي نشرتها وسائل الإعلام المصرية. كما تورط الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنفسه في ترويج بعضها.
ومنذ عام 2013، أطلق السيسي العشرات من التصريحات والوعود والمعلومات المغلوطة التي تكذبها الأرقام والوقائع والوثائق. ورغم ذلك، فقد خرج على المصريين منذ أيام ليقول لهم إنه “صادق وشريف وأمين جدًا”.
وفيما يلي عرض لأبرز المغالطات التي روجها السيسي خلال الأعوام الماضية.
احتوى خطاب السيسي الأخير على عدد كبير من المغالطات والمعلومات غير الحقيقية، وهي:
- الشرطة لم تقتل أحدًا في يناير وماسبيرو وبورسعيد ومحمد محمود: رغم وجود العديد من الشهادات ومقاطع الفيديو التي توثق لحظات قتل عشرات المصريين برصاص قوات الشرطة في تلك الأحداث، إلا أن السيسي زعم أن الشرطة لم تقتل مصريا واحدا. وقد رد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بحملة نشر مكثفة توضح مسؤولية الشرطة والجيش عن سقوط القتلى في تلك الأحداث.
- رواتب ضباط الجيش والشرطة متواضعة ولم يطلبوا أي زيادات: منذ عام 2013 وحتى اليوم، صدر 12 قرارا بزيادة رواتب ومعاشات العسكريين وضباط وأفراد الشرطة.
- المدن الجديدة لا تكلف موازنة الدولة شيئًا: في نفس الخطاب ناقض السيسي نفسه عندما شرح كيفية توفير التمويل اللازم لإنشاء المدن الجديدة، فقد اعترف أن الدولة تبيع الأراضي بعد توصيل البنية التحتية لها وإنشاء المدن الجديدة بالأموال التي تأتي من بيع تلك الأراضي، وهو ما يثبت أن الدولة هي التي تنفق على المدن الجديدة بأموال كان يمكن استغلالها في مشروعات أخرى تحسّن من دخل المواطنين.
منذ ما قبل انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 وحتى اليوم، تم توثيق العشرات من المغالطات التي روجها السيسي بنفسه أو روجتها جهات في الدولة تحت رعايته المباشرة. نستعرض بعضا منها:
- التحذير من الانقلاب: حذر السيسي أكثر من مرة من عودة الجيش إلى السياسة، ففي مايو/أيار 2013، قال السيسي إن الجيش إذا نزل إلى الشارع، فإن مصر ستعود إلى الوراء 40 عامًا. كما حصلت الجزيرة على تسجيل مسرب للسيسي يحذر فيه من أي انقلاب يقوده الجيش في مصر، لأن ذلك قد يؤدي إلى أن تحول البلاد إلى نسخة من الجزائر في تسعينيات القرن العشرين، وهي سنوات معروفة باسم “العشرية السوداء” التي سقط فيها مئات الآلاف من القتلى بعد انقلاب الجيش الجزائري على نتائج الانتخابات.
#الجزيرة_مباشر تحصل على تسجيل صوتي مسرب لـ #السيسي يعود إلى 2012 يحذر فيه #الجيش_المصري من تكرار سيناريو #الجزائر إذا تورط في السياسة #مصر pic.twitter.com/1RoX09zwxI
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) March 12, 2019
- التحذير من تهجير أهالي رفح: أثناء توليه منصب وزير الدفاع في عهد مرسي، حذر السيسي في تسجيل مسرب له من تهجير أهالي رفح في سيناء وقتل المدنيين فيها، قائلا إن ذلك سيخلق عداوات كثيرة مع أهالي سيناء، وسيؤدي إلى فشل كبير للدولة في محاربة الجماعات المسلحة هناك وقد يؤدي إلى انفصال سيناء مثل انفصال جنوب السودان. ليقرر بعد توليه الرئاسة تهجير أهالي مدينة رفح بالكامل.
- عدم الترشح للرئاسة: أعلن السيسي بعد الانقلاب عدم وجود أي أطماع شخصية له في تولي مناصب أخرى، كما نفى نيته الترشح للرئاسة، ففي يوليو/ تموز 2013، نفى المتحدث العسكري السابق أحمد علي نية السيسي الترشح للرئاسة وأنه فخور بقيادته للجيش. وفي نفس الشهر نقلت صحيفة اليوم السابع المؤيدة للسلطة عن مصادر مقربة من السيسي أنه لن يترشح للرئاسة، وأنه لن يسمح “للتاريخ بأن يكتب أن جيش مصر تحرك من أجل مصالح شخصية”. وفي 22 سبتمبر/ أيلول 2013، أعلن المتحدث العسكري للمرة الثانية أن السيسي لن يترشح للرئاسة، موضحا أن الأخير نفى أكثر من مرة نيته الترشح.
- عدم رفع الدعم: بعد الإعلان عن ترشحه للرئاسة، أكد السيسي في لقاء تلفزيوني مع المذيعين لميس الحديدي وإبراهيم عيسى أنه لن يرفع الدعم عن السلع الأساسية إلا إذا قام بتحسين أحوال الناس المعيشية وجعلهم “أغنياء”. لكنه قام بعد ذلك بالاتفاق على قرض مع صندوق النقد الدولي تضمن تحرير سعر صرف الجنيه ورفع أسعار المحروقات والمياه والكهرباء والمترو والسلع الأساسية بصورة أثرت بشدة على المواطنين.
- لا أحب المحسوبية: في نفس اللقاء أكد السيسي أنه لا يحب المحسوبية أو طلب وظائف لأبنائه في أجهزة الدولة، لكنه سرد وظائف أبنائه، فمنهم “محمود” الضابط في المخابرات العامة، و”مصطفى” الضابط في الرقابة الإدارية، كما قام السيسي بتعيين زوجة ابنه في النيابة الإدارية في أبريل/نيسان 2016، وتعيين شقيقه رئيسًا لوحدة مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال في أكتوبر/تشرين الأول 2016، وتعيين ابنة شقيقه في النيابة العامة في يونيو/حزيران 2015.
- اصبروا: لم يتوقف السيسي عن إطلاق وعود للمصريين بأن الوضع الاقتصادي والمعيشي لهم سيتحسن، وحدد بنفسه مددًا زمنية لذلك، أشهرها مطالبته المصريين بالصبر لمدة عامين فور انتخابه رئيسًا للمرة الأولى عام 2014، كما طالب المصريين في ديسمبر/كانون الأول 2016 بالصبر لمدة ستة أشهر فقط حتى تتحسن الأحوال، وكان قد أطلق وعدا للمصريين في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 بأن الأسعار ستنخفض خلال شهر واحد، ولم يلمس المصريون أي تحسن بعد كل ذلك.
- تكاليف قناة السويس الجديدة: بعيدًا عن المبالغات التي اتسم بها أداء الإعلام المصري في الحديث عن مشروع قناة السويس الجديدة والأموال الطائلة التي ستجنيها البلاد من ذلك المشروع، فإن السيسي نفسه تورط في ترويج مغالطة متعلقة بذلك المشروع، عندما زعم أن أرباح قناة السويس الجديدة غطت تكلفة حفرها خلال أسبوع واحد، وهو زعم تكذبه أرقام إيرادات القناة بالكامل، والتي سجلت انخفاضًا بسبب تراجع حركة التجارة العالمية. كما ناقض السيسي نفسه بعد ذلك عندما صرح في يوليو/ تموز 2018 بأن تكلفة حفر القناة تم تغطيتها بعد عامين، وليس بعد أسبوع كما صرح قبل ذلك.
- لن أترشح لفترة ثالثة: في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أعلن السيسي في مقابلة مع قناة سي إن إن الأمريكية أنه لن يترشح لفترة رئاسية ثالثة، وأثناء زيارته للبرتغال عام 2016 قال السيسي في حوار مع قناة “”أر تي بي” أنه لا مجال للديكتاتورية في مصر أو بقاء الرئيس بعد انتهاء مدته. لكن في الوقت الحالي ينفذ البرلمان تعديلًا دستوريًا سيسمح للسيسي بالترشح لفترات أخرى حتى عام 2034.
- لا يوجد سجناء سياسيون: نفى السيسي عدة مرات وجود سجناء رأي أو سجناء سياسيين في مصر، مثل تصريحه لقناة “سي بي إس” الأمريكية الذي قال فيه “ليس لدينا سجناء سياسيون ولا سجناء رأي” رغم تقارير منظمات حقوق الإنسان التي توثق وجود نحو 60 ألف معتقل سياسي.
- 11 ألف مشروع: في يناير/كانون الثاني 2018، زعم السيسي أنه نفذ 11 ألف مشروع خلال 4 سنوات بمعدل ثلاثة مشروعات يوميا، وهي أرقام تتناقض مع بعضها، لأن 3 مشروعات في اليوم سيكون مجموعها لا يتجاوز أربعة آلاف وخمسمائة مشروع، كما أن وجود تلك المشروعات مشكوك فيه بالنظر إلى عدم تحسن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، كما يجدر أيضًا التساؤل عن طبيعة تلك المشروعات التي تقام في هذا الوقت القياسي. وقد كشف الخبير الاقتصادي، عبد الخالق فاروق، أن جانباً كبيراً من تلك المشروعات المزعومة تتضمن مشروعاتٍ مثل “تطوير بوابات تحصيل الرسوم بطريق القاهرة – الإسكندرية، إنشاء بوابة لمدينة العلمين، إنشاء بوابة لمدينة 6 أكتوبر، افتتاح تطوير حديقة الأسرة” أي أنها ليست مشروعات بالمعنى المفهوم.
- مغالطات منوعة: هناك مغالطات وتناقضات أخرى منوعة يسردها السيسي في حديثه ولا يمكن التحقق من صحتها لأسباب مختلفة، مثل ادعائه أن خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان هدده باستقدام مقاتلين من الخارج، وتأكيده أنه عاش لمدة 10 سنوات وثلاجته فارغة إلا من المياه، وزعمه أنه قابل مواطنين في حافلة للنقل العام بالإسكندرية رغم أن موكبه لا يسمح بمرور أي مركبات بجواره ويتم إغلاق الطرق بالكامل عند مروره، واتهامه لشخصين لم يسمهما بأنهما تناولا عشاء تبلغ تكلفته 50 مليون دولار بغرض إسقاط مصر. ولم يستطع أحد حتى الآن أن يفسر كيف يمكن أن يتناول شخصان عشاءهما بهذه التكلفة.
في خطابه الأخير سأل السيسي المصريين عما إذا كانوا يصدقون كلامه أم لا، وقد قامت صحيفة المصري اليوم بنشر ذلك السؤال على صفحتها بموقع فيسبوك، ليحصد السؤال آلاف الإجابات والتعليقات التي تشير إلى رفض واسع من المصريين لتصديق أحاديث السيسي.
تم نشره بموقع الجزيرة مباشر بتاريخ 3/14/2019