الجزيرة نتالعالم العربيالمقالات والتقاريررياضةمونديال روسيا 2018

محاولات إسرائيلية مستميتة لاختراق المونديال

جماهير المنتخب المغربي منعت رفع العلم الإسرائيلي في المدرجات خلال مباراة المغرب والبرتغال (مواقع التواصل الاجتماعي)

على الرغم من فشل منتخبها في التأهل لبطولات كأس العالم، فإن إسرائيل تحاول دائما أن تستغل المونديال لتحقيق أهداف عدة، وأن توجد لنفسها مكانا في النهائيات بأي شكل.

أعلام إسرائيل
كان لافتا تكرار مشهد وجود الأعلام الإسرائيلية معلقة أسفل مدرجات الجماهير في أكثر من مباراة، وفي مكان مختار بعناية ليظهر واضحا أمام الكاميرات التلفزيونية التي تبث المباريات، وهو المكان الذي يقع خلف المرمى. وكانت مباراة إنجلترا وكرواتيا آخر تلك المباريات.

كما ينتشر عدد من الأفراد في الشوارع الروسية حاملين الأعلام الإسرائيلية لالتقاط صور مع مشجعي المنتخبات الآخرين، وكان من بينها صورة أثارت الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي تجمع بين مشجعين إيرانيين وآخرين يحملون علم إسرائيل.

ولم تقتصر المحاولات الإسرائيلية على مجرد تعليق الأعلام فقط، بل تطوّر الأمر إلى محاولة البعض رفع تلك الأعلام أثناء مباراة المنتخبين المغربي والبرتغالي خلال مباريات الجولة الثانية من الدور الأول، لكن الجماهير المغربية تصدت لهم وأجبرتهم على منع رفع العلم الإسرائيلي وسطهم.

اعلان

تطبيع رياضي
الخطط الإسرائيلية المستميتة امتدت أيضا إلى محاولة توريط النجم المصري محمد أبو تريكة في التطبيع عندما التقط أحد المشجعين صورة مع أبو تريكة دون أن يعلم الأخير أنه إسرائيلي، لينشرها الصحفي الإسرائيلي روي كايس على تويتر قائلا “مشجع إسرائيلي يلتقط صورة في موسكو مع أسطورة كرة القدم المصرية محمد أبو تريكة”، مدعيا أن أبو تريكة قام بتطبيع رياضي، ليرد الأخير بأنه لم يكن يعلم بجنسية المشجع، مبديا اعتذاره عنها، ومؤكدا عدم اعترافه بإسرائيل، وقال أبو تريكة إن القضية الفلسطينية هي القضية الأولى للشعوب العربية والإسلامية.

رسالة سياسية بنكهة رياضية
المحاولات الإسرائيلية وصلت إلى أعلى المستويات عندما وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رسالة للشعب الإيراني عبر موقع تويتر عقب مباراة إيران والبرتغال في الجولة الثالثة من مباريات الدور الأول، بدأها بالتقاط كرة قدم ألقيت إليه.

وحاول نتنياهو في رسالته مزج الرياضة بالسياسة، إذ استهل حديثه بالإشادة بأداء المنتخب الإيراني أمام نظيره البرتغالي، قائلا إن المنتخب الإيراني حقق المستحيل بعد أن نجح في منع النجم كريستيانو رونالدو من تسجيل أي هدف أثناء المباراة.

واستعرض نتنياهو في الفيديو مهارته في كرة القدم، قائلا إنه يدرك مدى صعوبة إيقاف رونالدو عن تسجيل الأهداف لأنه كان يلعب كرة القدم، مضيفا أن الإيرانيين أظهروا شجاعتهم في الملعب وكذلك في شوارع إيران بتظاهرهم ضد النظام، في إشارة إلى الاحتجاجات التي عمت بازارات طهران احتجاجا على ارتفاع الأسعار، ومعربا عن أمله في أن يلعب المنتخب الإيراني أمام نظيره الإسرائيلي يوما ما في “طهران الحرة”، على حد وصفه.

مباراة الأرجنتين
حاولت إسرائيل قبل المونديال الحصول على زخم كبير عندما اتفقت مع الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم على إقامة مباراة بين منتخبي البلدين في التاسع من يونيو/حزيران الماضي بمدينة القدس المحتلة، أي قبل المونديال بخمسة أيام، وهو ما أثار تساؤلات عن الهدف من تلك المباراة، وعن الاستفادة الرياضية التي يمكن أن يحصل عليها المنتخب الأرجنتيني من خوض مباراة مع منتخب متواضع المستوى مثل منتخب إسرائيل الذي لم يتأهل لأي بطولة كبرى منذ عشرات السنوات.

هذا الأمر دفع النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي إلى طلب إلغاء المباراة بعد دعوات ومناشدات فلسطينية وجهت إليه بهذا الصدد، وفقا لصحيفة “موندو ديبورتيفو” الإسبانية. كما أشارت تقارير إلى أن إسرائيل كانت تروج للمباراة باعتبارها دعما لما يسمى ٧٠ عاما على تأسيس دولة إسرائيل.

وكانت جامعة الدول العربية قد عبرت عن رفضها لإقامة المباراة، وأشارت في بيان صدر يوم 3 يونيو/حزيران الماضي إلى أن المباراة ستقام في قرية المالحة وهي أرض فلسطينية محتلة وفقًا للقانون الدولي.

كما حث رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم اللواء جبريل الرجوب في بيان الأرجنتين على الامتناع عن المشاركة في اللقاء. وتلقت وزيرة الرياضة الوطنية الأرجنتينية ورابطة كرة القدم الأرجنتينية رسالةً موقعة من اللجنة الأرجنتينية للتضامن مع فلسطين، تطلب فيها إلغاء المباراة، وأطلق مواطنون أرجنتينيون حملة تهدف لإلغائها تحت وسم “لا تذهبي يا أرجنتين” #ArgentinaNoVayas.

تسبب إلغاء المباراة في غضب إسرائيلي، خاصة تجاه ميسي، وهو ما دفع وزير الدفاع الإٍسرائيلي أفيغدور ليبرمان للإعراب عن شماتته في النجم الأرجنتيني إثر إخفاق الأخير في إحراز هدف من ركلة جزاء خلال مباراة بلاده أمام آيسلندا في أولى مباريات الأرجنتين بالمونديال.

وقال ليبرمان في تغريدة على حسابه في تويتر ساخرا “انظروا كم كان ميسي بحاجة لمباراة تدريبية أمام إسرائيل”.

بث كاذب للمونديال
ووسط الحديث عن قرصنة بث “بي إن سبورتس” من قبل قناة “بي أوت كيو” السعودية، دخلت إسرائيل على الخط قبل المونديال، وزعمت أنها ستقوم عبر قناتها الناطقة بالعربية ببث مباريات كأس العالم بتعليق عربي حتى يتنسى للعرب مشاهدة المونديال من دون مقابل، وهو ما وجد احتفاء كبيرا من وسائل إعلام مصرية وعربية قالت إن إسرائيل وجهت “ضربة” لقنوات بي إن سبورتس.

وقد قامت وسائل إعلام مصرية بنشر ترددات القناة الإسرائيلية التي زُعم أنها ستبث المباريات، وفي الوقت نفسه هاجمت قناة بي إن سبورتس، واتهمتها ببيع حقوق البث للقناة الإسرائيلية وأنها تقوم بتطبيع رياضي مع إسرائيل، رغم أن قيام وسائل إعلام عربية بنشر ترددات القناة الإسرائيلية يعد دعوة مباشرة للمشاهدين لمشاهدتها.

واتضح بعد أيام عدم صحة تلك الأنباء، وأن إسرائيل لا تستطيع نقل المباريات للجمهور العربي كما زعمت، وقامت الصفحات الإسرائيلية بتعديل منشوراتها، وحذفت أي إشارة إلى نقل المباريات إلى مواطني الدول العربية.

وكان الأمر عبارة عن دعاية مدروسة بدقة بهدف الترويج للآلة الإعلامية الإسرائيلية واختبار مدى استعداد الإعلام والجمهور العربي لتقبل فكرة متابعة وسائل إعلام إسرائيلية، الأمر الذي يمكن أن يفتح الباب أمام تأثير كبير على المواطنين في الدول العربية. وأيضا وضع المواطن العربي أمام اختبار، إما أن يتمسك بالثوابت العربية والإسلامية الرافضة للتطبيع، أو يتابع القناة الإسرائيلية رغم كل شيء بحجة توفير ثمن الاشتراك.

إسرائيل في مونديال 2006
مونديال 2006 في ألمانيا كان على موعد أيضا مع جدل متعلق بإسرائيل بعد قيام مدافع المنتخب الغاني جون بانستيل برفع العلم الإسرائيلي أثناء احتفاله مع زملائه بالهدف الثاني في شباك منتخب التشيك في الجولة الثانية من مباريات الدور الأول، كما رفع العلم مرة أخرى عقب انتهاء المباراة.

هذا الفعل أدى إلى موجة استهجان واسعة من الجماهير العربية والإسلامية التي كانت تدعم منتخب غانا بصورة كبيرة، مما دفع الاتحاد الغاني للاعتذار عن سلوك اللاعب، واصفا إياه بـ”الساذج” وأنه ليس على دراية بالسياسة الدولية، متعهدا بعدم تكرار هذا الفعل مرة أخرى. وذكر المتحدث باسم الاتحاد راندي آبي -في بيان له في ذلك الوقت- أن الاتحاد يأخذ موقفا محايدا في قضية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

‪‬ مدافع المنتخب الغاني جون بانستيل يرفع علم إسرائيل أثناء مباراة غانا والتشيك(غيتي)

وبرر اللاعب تصرفه حينها بأنه أراد الإعراب عن امتنانه للجمهور الإسرائيلي الذي سانده لأنه يلعب في صفوف نادي فريق “هابوعيل تل أبيب” الإسرائيلي.

واللافت أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) يفرض عقوبات صارمة ضد اللاعبين الذين يقومون باحتفالات لها طابع سياسي أو يخلطون بين السياسة والرياضة، إلا أنه لم يفرض أي عقوبات على اللاعب الغاني بعد تلك الواقعة، وقال متحدث باسم الفيفا إن الاتحاد لا يجد أي مشكلة فيما قام به اللاعب الذي حصل على إشادة من وزير الرياضة الإسرائيلي الذي صرح بأن “منتخب غانا كسب الكثير من المشجعين الإسرائيليين”.

وتبدو هذه الحوادث محاولة لتعويض فشل إسرائيل في الوجود بالعرس الكروي العالمي، بالإضافة إلى تحقيق مكاسب سياسية ودعاية إعلامية عبر خلط السياسة بالرياضة، والإبقاء على اسم إسرائيل موجودا بقوة في الأحداث الدولية، وتحقيق اختراق على المستوى الشعبي العربي، لكنها لم تنجح في المحصلة في تحقيق أهدافها بعدما أثارت الجدل والاستهجان في الكثير منها، وظهرت بمظهر من يحاول استجداء الحضور وإثبات الذات بأي شكل.

_________
كتبه اسامة الرشدي على موقع الجزيرة نت بتاريخ 12 يوليو 2018

رابط المقالة الأصلي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى