في السعودية.. الاحتفال بعيد الحب “حلال”

فقد اعتبر “أحمد قاسم الغامدي”، مدير عام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة، سابقا، أن “يوم الحب” هو مناسبة اجتماعية لا علاقة لها بالدين، ولذلك يجوز الاحتفال بها دون وجود أي مانع شرعي لذلك.
وأضاف الغامدي في لقاء مع قناة “العربية” السعودية أن عيد الحب مثل الاحتفال بـ”يوم الأم أو يوم المعلم أو اليوم الوطني أو يوم ميلاد المرء أو زواجه”.
واعتبر الغامدي أن “الفالنتاين” من شأنه أن “يعزز تلك الرابطة الإنسانية، وهو أمر إنساني اجتماعي، والتهنئة به لا حرج فيها شرعا”.
واستشهد الغامدي بالآية “وقولوا للناس حسنا” مشيرا إلى أن التهنئة بعيد الحب يبعث على تحسين وتعزيز “فطرة الحب” في الناس، وينمي السلوك الحسن في المجتمعات ويدفع الكره والبغضاء والتنافر.
وانضم إلى الغامدي “عبد العزيز الموسى” عضو الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بالمسجد الحرام في مكة المكرمة سابقاً، الذي أيد الاحتفال بعيد الحب قائلا في حسابه على تويتر ” ما اتخذه الناس من الأيام عادة للتعبير عن شعورهم تجاه من يحبون، أو لتبادل الهدايا جائز لأن الأصل في الأشياء الحل والإباحة، لا المنع والحظر”.
أما الشيخ سعود الشريم، فاتخذ موقفا غامضا من المناسبة دون التصريح برأيه فيها بشكل واضح، إذ كتب قائلا “الحُبُّ الصادق عاطفةٌ أكبرُ مِنْ أنْ تُختزلَ في مناسبة ضيِّقة، ومَنْ لم يعرِفها إلا يوما واحدا في العام فإنما هو يحبِسُها أو يغتالُها سائرَ الأيام”.
وكانت السلطات السعودية تستند في تحريم الاحتفال بعيد الحب إلى فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، تحرم فيها الاحتفال بعيد الحب وتصفه بأنه “عيدٌ وثني نصراني”، كما حرمت الفتوى المشاركة بأي شكل في الاحتفال بالعيد “من أكل أو أشرب أو بيع أو شراء أو صناعة أو هدية أو مراسلة أو إعلان أو غير ذلك” معتبرة أن “ذلك كله من التعاون على الإثم والعدوان ومعصية الله والرسول”.
كما تنتشر أيضا فتوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين، عضو هيئة كبار العلماء، تصف عيد الحب بأنه “أنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة ويدعو إلى العشق والغرام وإلى اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح رضي الله عنهم”. كما حرم الشيخ ابن جبرين الاحتفال بعيد الحب قائلا إنه “بدعة محدثة لا أصل لها في الشرع” وأن فيه “مشابهة للكفار وتقليدًا لهم في تعظيم ما يعظمونه واحترام أعيادهم ومناسباتهم وتشبهًا بهم فيما هو من ديانتهم” وأيضا لأنه “يترتب عليه من المفاسد والمحاذير كاللهو واللعب والغناء والزمر والأشر والبطر والسفور والتبرج واختلاط الرجال بالنساء أو بروز النساء أمام غير المحارم ونحو ذلك من المحرمات”، كما حرم الشيخ عبد الله بن جبرين “بيع هذه الهدايا والورود إذا عرف أن المشتري يحتفل بتلك الأعياد أو يهديها أو يعظم بها تلك الأيام حتى لا يكون البائع مشاركًا لمن يعمل بهذه البدعة”.
لكن إتاحة المجال لأصوات أخرى تعارض هذه الفتاوى وتؤكد جواز الاحتفال بعيد الحب يشير إلى رغبة لدى السلطات السعودية في تغيير تلك الفتاوى أو القضاء على تأثيرها، خاصة أن “الغامدي” ظهر على قناة العربية التي تعتبر المنصة الإعلامية المفضلة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي ظهر عدة مرات على شاشتها لعرض أفكاره ورؤيته “السعودية 2030” كما تعتبر إحدى الأدوات الإعلامية السعودية ولا تعارض مطلقا توجهات المملكة وسياستها في الداخل أو الخارج.
كما تتزامن هذه المساعي مع تقليص دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسماح بإقامة حفلات موسيقية عامة.
وكان “المطوعون” في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في العادة يقومون بحملة في يوم عيد الحب يأمرون فيها بائعي الزهور وأصحاب المتاجر بإزالة أي سلع مرتبطة بعيد الحب.
لكن في العام الماضي مُنعت الهيئة من ملاحقة مشتبه بهم أو اعتقال مخالفين.
وقال بائعو زهور لوكالة رويترز إنهم تمكنوا بسهولة ودون مشكلات من بيع ورود وباقات حمراء أمس الأربعاء واليوم الخميس.
وقال أحد الباعة ضاحكا “لم أتوقع ذلك… لم يعد الأمر مثل السنوات السابقة.. الناس يشعرون بأريحية وهم يشترون” الورود الحمراء.
وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها تجاوز فتاوى سابقة في قضايا اجتماعية، فقد سبق أن تم التراجع عن فتاوى تحرم قيادة المرأة للسيارة، بعد قرار العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة في سبتمبر/ أيلول الماضي.
فقد سارع العشرات من العلماء والشيوخ والدعاة في المملكة إلى الإعلان عن تأييدهم لقرار الملك، منهم أعضاء بهيئة كبار العلماء السعودية، مثل الشيخ عبد الله بن محمد المطلق، والشيخ عبد الله بن عبد المحسن التركي، بالإضافة إلى سليمان بن عبد الله أبا الخيل عضو الهيئة ومدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والداعية خالد المصلح، وعبد اللطيف آل الشيخ رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السابق والمستشار السابق للملك سلمان.
أما الحالة اللافتة فتمثلت في عضو هيئة كبار العلماء والمستشار في الديوان الملكي الشيخ عبد الله المنيع، الذي كان قد اعتبر أن “منع المرأة من قيادة السيارة تكريم من الدولة لها، وحفاظ على عفتها وأنوثتها” فإذا به يغير رأيه ويؤيد قرار الملك سلمان قائلا إن “الأصل في قيادة المرأة للسيارة الإباحة، لانتفاء النص الشرعي المانع لها”.
أما الهيئة نفسها فأعلنت ترحيبها بالقرار قائلة في تغريدة على موقع تويتر “حفظ الله خادم الحرمين الشريفين الذي يتوخى مصلحة بلاده وشعبه في ضوء ما تقرره الشريعة الإسلامية”.
وكانت نفس الهيئة قد أصدرت فتوى عام 1990 تعتبر قيادة المرأة للسيارة أمرا مخالفا للشريعة الإسلامية، وكان مفتي المملكة عبد العزيز آل الشيخ قد أفتى قبل أشهر من قرار الملك سلمان بأن “قيادة السيارة قد تفتح عليها أبواب الشر، ولا تنضبط أمورها، فالواجب المطلوب منا ألا نقر هذا الأمر لأن هذا أمر خطير يعرّضها للشرور؛ ولا سيّما من ضعفاء البصائر الذين يتعلقون بالنساء، وربما سبب خروجها وحدها وذهابها إلى كل مكان من غير علم أهلها بها شرور كثيرة”.
كما اعتبر الشيخ محمد بن صالح العثيمين العضو في الهيئة في تصريح سابق “أن قيادة المرأة للسيارة تجرّ مفاسد كثيرة، منها نزع الحجاب، وتكون محط أنظار للرجال”.
وكذلك قال عضو الهيئة صالح بن فوزان في إحدى فتاواه تحت عنوان “مفاسد قيادة المرأة للسيارة”، إن “قيادة المرأة للسيارة فيها محاذير، النظر إلى مصلحة جزئية، ففيها محاذير كثيرة، ولا ينظر إلى جزئية وتترك بقية الأضرار، درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، هذه قاعدة شرعية”.
وحاول المستشار القضائي صالح بن سعد اللحيدان تقديم تفسير “علمي” لتحريم قيادة المرأة للسيارة فقال “المرأة حينما تركب السيارة وهي تقود سينشغل منها الذهن والفكر والعقل، وحينما تجلس طويلا فإن الحوض يرتد وتضغط على المبايض” وهو تفسير أثار سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
تم نشره بموقع الجزيرة مباشر بتاريخ 2/16/2018
http://mubasher.aljazeera.net/news/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%84-%D8%A8%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A8-%D8%AD%D9%84%D8%A7%D9%84