لماذا لا يشعر المصريون بوجود مجلس النواب؟
أنهى الرئيس المصري عبد الفتاح كلمته خلال لقائه مع عدد من السياسيين وممثلي فئات المجتمع أمس الأربعاء باستنكار طلب أحد الحضور الكلمة، مؤكدا إنه لم يعط الإذن لأحد بالكلام.
اتضح بعد ذلك أن الشخص الذي طلب الحديث هو “محمد كلوب” عضو مجلس النواب المصري، الذي قال في مداخلة هاتفية لبرنامج “العاشرة مساء” على قناة “دريم” إنه كان يريد أن يطلب الإذن للذهاب إلى دورة المياه، مضيفا إنه يؤيد السيسي ولا يعارضه على الإطلاق، قائلا: “أنا رحت أتحاور مع الرئيس لأني بحبه”.
قبل هذه الكلمة تعرض أعضاء مجلس النواب لتهديد مباشر من المذيع المقرب من الأجهزة الأمنية “أحمد موسى” في حالة عدم موافقة أحد منهم على الاتفاق الخاص بالتنازل عن جزيرتي “تيران” و”صنافير” للمملكة العربية السعودية، مؤكدا أن الرافضين “سيعرفون بالاسم”.
رئيس المجلس
تثير هاتان الحادثتان أسئلة حول جدوى وجود برلمان في مصر، في ظل انعدام تأثيره في مجريات الأحداث على الساحة السياسية، واعتباره جزءا لا يتجزأ من السلطة، وهو التصور الذي يعتنقه رئيس المجلس نفسه.
فقد دخل علي عبد العال رئيس المجلس في مشادات عديدة مع الأعضاء، انتهت بقيامه بطردهم عدة مرات من القاعة، كما انتقد إثارة بعض النواب للشعب داخل القاعة، سواء بالكلام أو الوقوف أثناء الجلسة، مضيفا خلال جلسة أمس الأربعاء “لم أجد برلمانًا في العالم بهذا السوء”.
كما وجه عبد العال إهانة للنائب “محمد سليم عسكر” أثناء مناقشة المجلس بيانات عاجلة لبعض الوزراء في الرابع من أبريل/ نيسان الماضي قائلا “أنت عامل عبيط ولا إيه يا محمد”.
وبعيدا عن الإهانات والمعاملة السيئة التي يلقاها نواب البرلمان من رئيس مجلسهم وممثلي السلطة التنفيذية، فقد حذر رئيس المجلس الأعضاء أكثر من مرة من القيام بدورهم في محاسبة السلطة التنفيذية ومراقبتها. فقد رفض أي هجوم علي الحكومة ووزرائها خلال الجلسات المخصصة لمناقشة برنامج الحكومة والرد عليه في العاشر من أبريل/ نيسان الماضي، قائلا: “ساعة الشدة مفيش سلطة قضائية ولا نيابية ولا تنفيذية وإحنا في الوقت ده”. مؤكدا أنه لن يسمح بمهاجمة الحكومة وسيلجأ لحذف أي ألفاظ أومصطلحات “تدغدغ مشاعر المواطنين من المضبطة” حسب قوله، وأن المتعارف عليه في العالم كله هو “اصطفاف السلطات سويا في الأوقات العصيبة”.
كما منع رئيس المجلس أي نائب يحاول التطرق إلى أزمة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة من الاستمرار في الحديث، وانتقد حديث بعض الأعضاء عن إغفال برنامج الحكومة لقضية سد النهضة، مؤكدا أن “طبيعة هذا الأمر ليس محلها برنامج الحكومة”.
تهديدات بالحل
التهديدات التي يتعرض لها البرلمان في حالة قيامه بدوره، كانت مبكرة، وامتدت إلى التحذير من تعرضه للحل. فقد حذر رئيس المجلس من الحل مرتين، الأولى في يناير/ كانون الثاني، عندما حذر بعض النواب الذين “يحاولون تعطيل عمل البرلمان لعدم إتمام مناقشة القوانين الصادرة منذ في عهد الرئيس السابق عدلي منصور، والسيسي الرئيس الحالي، مؤكدا أن عدم استكمال نظر القوانين سيترتب عليه حل المجلس، رغم أن خبراء في القانون أكدوا أن ذلك يعني زوال آثار القوانين لا حل المجلس.
أما المرة الثانية فكانت أوائل مارس/ آذار الماضي، عندما أكد عبد العال أن المجلس سيتعرض للحل إذا استمرت المشادات والاتهامات المتبادلة بين أعضائه.
وقبل هذين التحذيرين، صدر تحذير ثالث من ائتلاف “دعم مصر” الذي يسيطر على البرلمان من أزمات دستورية قد تنتهي بحل المجلس حال عدم تأييد بعض القوانين بنسبة ثلثي عدد الأعضاء”.
دور الاجهزة الأمنية
بعد الكشف عن دور الأجهزة الأمنية في اختيار نواب البرلمان وإدارة العملية الانتخابية بالكامل في تحقيق نشره موقع “مدى مصر” في مارس/ آذار الماضي، توالى الحديث عن تدخل الأجهزة الأمنية في عمل المجلس بعد تشكيله، لدرجة دفعت النائب محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، إلى إصدار بيان اتهم فيه المجلس بأنه يدار من قبل الأجهزة الأمنية، وأن أحد نواب حزب المصريين الأحرار تلقى تعليمات للترشح في منصب رئيس لجنة حقوق الإنسان بالمجلس بقرار من الأجهزة الأمنية اللجنة لمنافسته، وهو ما أدى إلى غضب رئيس المجلس والوكيلين.
نواب التأييد
لكن نوابا آخرين حددوا هدفهم منذ البداية في تأييد السلطة وعدم معارضتها، فنواب مثل مرتضى منصور ومصطفى بكري وعبد الرحيم علي وسعيد حساسين يعتبرون من أشد مؤيدي السلطة وداعميها في كل ما تقوم به، فضلا عن تصريحاتهم وأقوالهم وممارساتهم العديدة التي تؤكد ذلك، بالإضافة إلى مئات الأعضاء الآخرين الذين يتطوعون لتنبيه النظام بأماكن وأشخاص قد يكونون معارضين له.
فقد اتهم حسين غيتة، عضو المجلس عن حزب الوفد، الجامعة الأمريكية بالقاهرة ب”التحريض على الفسق والفجور”، بعد نشر مقالات في المجلة الصادرة عن الجامعة بعنوان: “كيف تكون مثليا في بلاد الخوف”. مضيفا أنه تقدم ببيان عاجل إلى رئيس المجلس لتوجيهه إلى وزيري الخارجية والتعليم العالي، احتجاجا على “دعوة الجامعة الأمريكية إلى الرذيلة والمثلية الجنسية” واصفا المقال بأنه حمل إهانة كبيرة تجاه مصر، معتبرا إياها بلد الخوف” على حد قوله.
أما شكوى السيسي المستمرة من مواقع التواصل الاجتماعي فقد وجدت صدى لها لدى البرلمان، الذي قرر إصدار قانون لتنظيم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، استجابة لطلب عضو يدعى “جمال عبد الناصر” الذي وصف تلك المواقع بأنها “تمثل خطرًا على أمن مصر”. مطالبا بما سماه “تنظيم العمل على مواقع التواصل لتتمكن السلطات من القبض على أي شخص يكتب عن تجاوزات لها تمس الأمن القومي.
أما قضية مقتل ريجيني، فقد اعتبر النائب طارق رضوان، نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار “أنه لا يعقل أن أي جهاز أمني مصري أياً كانت قوته وجبروته – ولنسترسل فجره وغباءه – أو أي فرد بداخله يجرؤ أو حتي يستطيع أن يقبض علي أجنبي وإيطالي الجنسية ويقوم بتعذيبه بأسوأ الطرق ثم بقتله ورميه علي طريق يوم وصول رئيس الوزراء الإيطالي لمصر”.
فيما أبدى النائب محمد سليم اندهاشه من رد الفعل الرسمي الغاضب من الحكومة الإيطالية بشأن مقتل الباحث ريجيني، مؤكدا وجود “أيادٍ تلعب ضد مصر من أجل افتعال الأزمات الداخلية والخارجية التي تؤثر على سمعة مصر، ومن ثم تضر بالوطن” متهما جماعة الإخوان “باستغلال القضية لتشويه سمعة مصر”.
تم نشره بموقع الجزيرة مباشر بتاريخ 4/15/2016
http://mubasher.aljazeera.net/news/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D8%B4%D8%B9%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A8%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF-%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%A8%D8%9F