مصريون: ادعوا للوفد المصري في إيطاليا فإنه الآن يسأل
اجتمع اليوم الخميس الوفد القضائي المصري مع محققين إيطاليين في العاصمة الإيطالية روما، لمناقشة قضية مقتل الباحث الإيطالي “جوليو ريجيني” بالقاهرة في فبراير/ شباط الماضي. وتستمر الاجتماعات بين الجانبين على مدار يومين، على أن تستأنف غدا الجمعة.
ويرأس الوفد المصري “مصطفى سليمان”، النائب العام المساعد، ويضم أعضاء من النيابة العامة والشرطة المصرية.
الاجتماع سبقته تعليقات ساخرة من المصريين الذين تحدثوا عن المأزق الذي تعيشه السلطات المصرية في القضية، حيث عبر بعضهم عن ذلك قائلين: “ادعوا للوفد المصري في إيطاليا فإنه الآن يسأل”.
عفن ينخر في الدولة المصرية
جاء الاجتماع وسط أجواء متوترة في العلاقات بين الجانبين، مع تهديدات إيطالية بإجراءات تصعيدية حال عدم تعاون القاهرة، وهجوم مستمر من الصحافة الإيطالية والعالمية.
ونشرت صحفية “تايمز” البريطانية افتتاحية بعنوان “استبداد في القاهرة: مقتل جوليو رجيني يشير إلى العفن الذي ينخر في الدولة المصرية”.
وقالت الصحيفة إن المحققين الإيطاليين لديهم شكوك بأن الأجهزة الأمنية المصرية مسؤولة عن مقتله، وأن الاعتقاد السائد في إيطاليا أن قتل ريجيني أعقبته “عملية تستر وتضليل”، وأن القاهرة “لم تقدم سوى التشويش على الأمر”، مشيرة إلى الرسالة التي أرسلها شخص مجهول لصحيفة “لا ريبابليكا” الإيطالية وزعم فيها أن السيسي شارك في اجتماع ناقش كيفية التخلص من جثة ريجيني بعد مقتله في مقر المخابرات الحربية نتيجة التعذيب.
وقالت الصحيفة إلى أنه “إما أن يكون السيسي طاغية أو أن تكون الأجهزة الأمنية بدأت تخرج عن سيطرته”.
لكن وكالة الأنباء الإيطالية قالت إن رسائل البريد الإلكتروني التي نشرتها صحيفة لا ريبابليكا الإيطالية لا علاقة لها بالتحقيق الذي تجريه السلطات الإيطالية بخصوص مقتل ريجيني، وأنها تمتلئ بالمعلومات غير الدقيقة، وبالتالي لن تؤخذ في الاعتبار.
كما نفت مصادر للوكالة اتهام اللواء خالد شلبي مدير إدارة مباحث الجيزة بالتورط في القضية.
بينما قالت صحيفة لا ستامبا الإيطالية عن مصدر مصري إن السلطات المصرية جاهزة للتضحية باللواء خالد شلبي خلال الاجتماع بين الجانب المصري والإيطالي، بغية إخماد القضية.
خالد شلبي
تداول مستخدمو مواقع التواصل خبرا بتاريخ 24 يناير/ كانون الثاني الماضي، عبارة عن تصريح لخالد شلبي يفيد بالقبض على شخص “يحمل جنسية أجنبية” بتهمة تحريض المواطنين على التظاهر في ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير، بأحد المقاهي بالقرب من ميدان الجيزة، دون توضيح جنسيته بالضبط. وهو ما أثار شكوكا حول كون الشخص المقبوض عليه هو ريجيني نفسه.
وكتب إبراهيم الزعفراني، القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين على حسابه الشخصي على فيسبوك جانبا من تاريخ خالد شلبي في التعذيب أثناء عمله في محافظة الإسكندرية.
وكشف الزعفراني عن وفاة أحد المواطنين على يد خالد شلبي نتيجة التعذيب في قسم شرطة المنتزه بالإسكندرية عام 1999، وأن قوات الشرطة منعت تشريح الجثمان وأجبرت أهالي القتيل على دفنه بسرعة للتغطية على الجريمة، معربا عن أمله في تحريك قضية ريجيني ضد شلبي هذه المرة لأن “المصري لا تحرك له قضية، وإذا تحركت فالنتيجة البراءة للجميع، أما الأجنبي فالنظام المصري من رأسه إلى قدمه يقف على قدم وساق محاولا التنصل من هذه الحريمة، والحكومات والمجتمع الأوربي متحفز ومحتشد، ليعرف الحقيقة، ومصر على أن يعمل سيف العدالة” حسب تعبيره.
الإنكار
واستمرت المحاولات السياسية والأمنية والإعلامية المصرية لإنكار تورط أجهزة مصرية في قتل الباحث الإيطالي.
وقال مساعد وزير الداخلية الأسبق مجدي البسيوني في حوار تلفزيوني أمس الأربعاء، إنّ الشرطة “بريئة بكل المقاييس” من مقتل ريجيني، متهما من أطلق عليهم “مخابرات أجنبية” بقتله للوقيعة بين مصر وإيطاليا، دون توضيح جنسية تلك المخابرات.
وسار على دربه الخبير الأمني فؤاد علام، الذي أرجع اقتناع الجانب الإيطالي بتورط الشرطة المصرية في قضية مقتل ريجيني إلى أن جماعة الإخوان نجحت في إقناع العالم بذلك. مشيرا إلى أن “الخطأ الوحيد الذي وقعت فيه وزارة الداخلية، هي التسريبات التي صدرت في قضية مقتل الطالب، وهو ما جعلها غير قادرة على الدفاع عن نفسها”.
وأصدر النائب البرلماني محمد سليم بيانا أعرب فيه عن استغرابه من رد الفعل الرسمي الغاضب من الحكومة الإيطالية بشأن مقتل ريجيني في مصر، نافيا تورط الداخلية فى مقتل الشاب الإيطالي، مرجحا أن تكون هناك “أيادٍ تلعب ضد مصر من أجل افتعال الأزمات الداخلية والخارجية التي تؤثر على سمعة مصر، ومن ثم تضر بالوطن” على حد قوله. واتهم النائب جماعة الإخوان، باستغلال القضية ل”تشويه سمعة مصر”.
وقدمت صحيفة “البوابة نيوز” سيناريو آخر يضاف للسيناريوهات السابقة التي قدمتها الأجهزة المصرية حول مقتل ريجيني، بعد أن نشرت تصريحات على لسان مصادر لم تكشف عنها أرجعت سبب تشوه جثة ريجيني إلى دفنها لمدة 14 ساعة، وأن أشخاصا عثروا على الجثة وتركوها على قارعة الطريق لتنبشها الكلاب قبل العثور عليها، وبالتالي عثر على الجثة بحالة مشوهة نتيجة الكلاب وليس التعذيب.
ورغم اعترافه بأن الأجهزة الأمنية تمارس التعذيب داخل السجون، إلا أن المذيع إبراهيم عيسى قال في برنامجه على قناة “القاهرة والناس”: “لا يوجد اتهام رسمي للشرطة المصرية بأنها من قتلت الشاب الإيطالي ريجيني، ولكن الكثيرون في الداخل والخارج يتصورون أن الأجهزة الأمنية تمارس التعذيب داخل سجونها”. متابعا “مصر كلها عارفة إن شرطتها بتعذب المواطنين حتى وإن كان بعضها حوادث فردية، وفي الوقت ذاته لا يوجد دليل واحد حتى الآن يثبت أن الدولة متورطة في قتل ريجيني”.
لكنه عاد وتساءل “لماذا نحن متضايقون من مطالب الشعب الإيطالي بحق ابنه المقتول في مصر (…) الوطنية في هذا الأمر، ليست أن ندافع عن معذب الشاب الإيطالي، أو ننفي أن ضيفنا عذب وقتل في بلادنا، فهذه سذاجة، فالوطنية الحقيقية هنا هي الاعتذار والتأسف عن تقصير مصر الأمني تجاه مواطن أجنبي قتل على أرضها”.
تشويه ريجيني
فيما بدأت حملة جديدة لتشويه الطالب الإيطالي القتيل، قادها عزمى مجاهد، المذيع والمتحدث باسم اتحاد كرة القدم المصري، وشخص قدم نفسه في وسائل الإعلام المصرية باعتباره “برلمانيا إيطاليا سابقا”.
وقال مجاهد في برنامجه على قناة “العاصمة”، إن هناك أجهزة استخباراتية وراء مقتل ريجنى، مضيفاً:” إنجلترا مهتمة بهذا الكلام والبعض يقول إنه تبع المخابرات الإنجليزية وتبع هنرى كسينجر وله اتجاهات استخباراتية، وأن الاستخبارات الإنجليزية وراء مقتله أم ماذا”.
وزعم مجاهد أن صحفا إيطالية قالت إن ريجينى كان جاسوسا بريطانيا وقتل على يديهم بعد انقضاء مهمته بمساعدة إخوانية، على حد قوله.
وقال “ماركو محمد” الذي عرفته صحيفة “اليوم السابع” وقناة “العاصمة” بأنه كان نائبا برلمانيا إيطاليا سابقا، إن جوليو ريجيني كان مبعوثًا خاصة من منظمة إيطالية تابعة للحكومة، لجمع تقارير عن الأوضاع بمصر، وأنه ليس طالبا.
وتساءل محمد عن السبب الذي يجعل إيطاليا تتجاهل مقتل مواطنين لها في دول أخرى أو في أمريكا الجنوبية والشمالية فيما تحركت في موضوع ريجيني.
وأضاف محمد إن ريجيني “لا يعتبر جاسوسا بالمعنى المتعارف عليه، لأنها أصبحت قديمة وغير موجودة في الوقت الحالي، لكنه كان يجمع معلومات عن الأوضاع الداخلية”.
عادل معوض
كما استمرت محاولات وسائل إعلام مصرية الحديث عن قضية اختفاء مواطن مصري في إيطاليا منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على طريقة “واحدة بواحدة” دون أن تقدم تفسيرا لتجاهل السلطات المصرية هذه الحالة طوال الأشهر الماضية والالتفات إليها فقط بعد تفجير قضية ريجيني.
وكشف موقع “المنصة” أن المواطن المصري “عادل معوض هيكل” ليس المصري المختفي الوحيد في إيطاليا، وإن كان آخرهم، بل سبقه 5 أشخاص آخرين لم يتحدث عنهم أحد في مصر، مؤكدا أن “تجاهل حالات الاختفاء أخرى لأشخاص مصريين والتركيز على اختفاء هيكل، إلى جانب اختيار توقيت هذا التركيز، يعطي انطباعًا بأن الاهتمام ليس منصبًا بشكل خاص على البحث عن مصير مواطن مصري في دولة أجنبية، بقدر استخدام اسمه كورقة مضادة لمواجهة الانتقادات التي تتعرض لها مصر بسبب مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني على أراضيها”.
خبر هزلي
ووقعت مواقع مصرية مغمورة ضحية لأحد الكتابات الساخرة على موقع فيسبوك، إذ نشر أحد مستخدمي موقع فيسبوك خبرا هزليا عن تورط قاتل محترف يدعى “فابريتسو” في قتل ريجيني بعد أن كلفه بذلك شخص آخر يدعى “جينارو إيفان”، مع صورة للاعبين الإيطاليين “فابريتسيو ميكولي” لاعب نادي “ليتشي” الإيطالي” و”جينارو جاتوزو” لاعب نادي “إي سي ميلان” الإيطالي السابق. لكن مواقع “البشاير” و”شبكة اخبار مصر النهارده” و”فرسان الميدان” وغيرهم نشرت الكلام كما هو بعد أن وقعت في الفخ وصدقه عشرات الآلاف من القراء ممن قاموا بالتفاعل مع الخبر، سواء على فيسبوك أو المواقع التي نشرت الخبر الهزلي.
تم نشره بموقع الجزيرة مباشر بتاريخ 4/8/2016
http://mubasher.aljazeera.net/news/%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A7%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A7-%D9%84%D9%84%D9%88%D9%81%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D8%A5%D9%86%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%86-%D9%8A%D8%B3%D8%A3%D9%84