إعلامالجزيرة مباشرمصر

مصر: تمهيد إعلامي بتورط جهات رسمية باختطاف وقتل ريجيني

قبل انعقاد اللقاء المرتقب بين ممثلي أجهزة الأمن المصرية والإيطالية للتباحث بشأن مقتل الباحث الإيطالي “جوليو ريجيني” في القاهرة، ظهرت مطالبات إعلامية مصرية غير مسبوقة تدعو السلطات المصرية إلى ضرورة الإعلان عن القاتل، فيما بدا وكأنه تمهيد للاعتراف بتورط أحد الأجهزة الأمنية في القضية.

إشارات إعلامية

نشر الصحفي “محمد عبد الهادي علام” رئيس تحرير صحيفة الأهرام الحكومية، مقالا انتقد فيه الروايات التي وصفها بـ “الساذجة” والتي تقدمها أجهزة الأمن حول مقتل ريجيني، معتبرا أنها أساءت إلى مصر داخليا وخارجيا، وطالب علام في المقال السلطات بتقديم “مرتكبي الجريمة” إلى العدالة، والإعلان عما تم التوصل إليه “من حقائق لا لبس فيها أو استقالة المقصرين من المسئولين مسئولية مباشرة في تلك الواقعة إنقاذا لسمعة مصر ومكانتها ومصداقيتها دوليا”، محذرا من احتمالية قطع العلاقات الدبلوماسية بين إيطاليا ومصر.

وتبدو إشارة علام في المقال إلى المسؤولين المتورطين بشكل مباشر في الواقعة بدايات اعتراف بوجود تورط رسمي في اختطاف وتعذيب ريجيني حتى الموت.

الإشارة الثانية جاءت من المذيعة “لميس الحديدي” التي ألمحت في برنامجها التلفزيوني إلى وجود صراع بين الأجهزة والمؤسسات في مصر “لا يجب أن يكون على جثة هذا البلد” حسب تعبيرها، مضيفة “هذا كلام واضح مهذب ولا يجب أن أقول كلاما لا يقال”.

وأعربت لميس عن تضامنها مع مطالب رئيس تحرير الأهرام التي عبر عنها في مقاله بمحاسبة المسؤول عن مقتل ريجيني “بالإقالة أو الاستقالة أو المحاكمة”.

وأشارت لميس إلى أن الحادث لم يكن ليحظى بهذا الاهتمام لو كان قد حدث لأحد المصريين، مستطردة “لديهم اهتمام بالمواطنين وليسوا مثلنا، فإذا كان الحادث لمواطن مصري فهذا أمر عادي أما في أوربا فهذا حادث غير عادي”.

أما الإشارة الثالثة والأكثر وضوحا فقد صدرت من “حنان البدري” مراسلة صحيفة روز اليوسف في العاصمة الأمريكية واشنطن، التي أكدت أن الجانب الإيطالي توصل بالفعل لاسم الجناة المحتملين في قضية ريجيني وتاريخهم، وأن الإيطاليين حصلوا على أدلة بالصوت والصورة لشهود وتسجيلات لمكالمات بين رجال الشرطة في منطقة بعينها عن طريق طرف ثالث قادتهم إلى حقائق واضحة.

وأكدت حنان البدري أن الجانب المصري ليس أمامه إلا الاعتراف بالحقيقة وبشفافية، لأن الخيار أصبح بين “التضحية بالجناة، أو قطع العلاقات مع إيطاليا و دول الاتحاد الأوربي”.

من جانبه قال الكاتب الصحفي محمد على إبراهيم، رئيس تحرير صحيفة الجمهورية الأسبق، إن إيطاليا توصلت لقاتل ريجيني و”عرفت رقم بطاقته وصحيفة سوابقه”، مضيفا “سلموه بقي.. بلاش مكابرة.. حتى لا نتعرض لما تعرضت له ليبيا وفي الآخر سلمت المتهمين.. المتهم له سوابق تعذيب.. نحن لن نتحمل عقوبات.. مصر أكبر من أي مجرم طليق”.

ارتباك أمني

وكانت صحيفة الغارديان البريطانية قد كشفت أن مصر طالبت السلطات الإيطالية، رسميًا بتأجيل الاجتماع الذي كان مقررا عقده بين الجانبين لبحث ملابسات مقتل ريجيني. كما أكدت مصادر قضائية لوكالة رويترز أن مصر أرجأت زيارة الوفد الذي كان مقررا توجهه إلى إيطاليا اليوم الثلاثاء.

لكن النيابة العامة المصرية قالت في بيان لها اليوم إن الوفد المصري سيتوجه إلى إيطاليا غدا الأربعاء.

هجوم إيطالي

التحركات الإعلامية والأمنية المصرية المرتبكة تزامنت مع هجوم إيطالي كبير من وسائل الإعلام والسياسيين على السلطات المصرية.

فقد قررت جمعية السياحة الإيطالية “AITR” غير الحكومية، التي تضم عددا من الشركات السياحية الإيطالية الخاصة، تعليق رحلاتها ووقف جميع أنشطتها مع مصر، بسبب عدم ظهور حقيقة مقتل ريجيني.

وقال رئيس الجمعية ماوريتسيو دافيلو “لا يمكن أن نستأنف رحلاتنا في ظل الألم الذي تعانيه إيطاليا بعد فقدان ريجيني، فما يهم الشركة هو سلامة وأمن المواطنين الإيطاليين”.

 وقالت وكالة الأنباء الإيطالية يوم السبت إن السلطات المصرية قررت الاعتراف بمراقبتها لريجينى قبيل اختفائه، وإن الجانب الإيطالي سيطلب السجلات الخاصة بالهاتف المحمول لريجينى والمكالمات الخاصة بـ10 من أصدقائه ومعارفه، لمعرفة المزيد من المعلومات عن أيامه الأخيرة في القاهرة.

ونشرت “كورييري ديلاسيرا” إحدى أكبر الصحف في إيطاليا، ملفا شاملا عن المختفين قسريا في مصر، تصدرته صورة ريجيني مكونة من صور 533 شخصا من المختفين قسريا، وبمجرد فتح موقع الصحيفة على شبكة الإنترنت يسمع الزائر صوت والدة ريجيني وهي تقول “نحن لا نتحدث عن حادث فردي”.

وكشفت صحيفة “لاستامبا” الإيطالية أن وزير الخارجية المصري سامح شكري قال لنظيره الأمريكي إن مقتل ريجينى قد حدث نتيجة اشتراكه في حفلات للجنس الجماعي السادي المصاحبة للتعذيب، وذلك على هامش قمة الأمان النووي التي انعقدت في العاصمة الأمريكية واشنطن.

التمسك بالإنكار

الإصرار على النفي والتمسك بعدم تورط أجهزة أمنية في مقتل ريجيني تبناه المذيع أحمد موسى، الذي هاجم والدة “خالد سعيد” ضحية الشرطة المصرية قبل ثورة يناير، والتي وجهت رسالة تضامن إلى والدة ريجيني، زاعما أن هناك جهات تحركها، مضيفا أنه لا أحد لديه معلومات حول الواقعة غير الأجهزة الأمنية، وأن من يقول غير ذلك “كذاب”.

وكان موسى قد استضاف في برنامجه شخصا زعم أنه شاهد ريجيني يتشاجر مع أحد الأجانب بجوار القنصلية الإيطالية قبل اختفائه، قبل أن يتضح كذب الشاهد المزعوم وأنه لم يغادر مدينة السادس من أكتوبر في ذلك اليوم.

وهاجم رفعت السعيد، رئيس المجلس الاستشاري بحزب التجمع، بعض وسائل الإعلام المصرية التي تؤكد ضلوع جهات رسمية في مقتل ريجيني لأنها “تضع البلاد في مأزق” حسب قوله.

وزعم السعيد أن ريجيني كان أحد رجال المخابرات الإيطالية، متهما جماعة الإخوان المسلمين بالوقوف وراء مقتله من خلال اختراق بعض الأجهزة المصرية لوضع مصر في هذا المأزق.

وقد استمرت وزارة الداخلية في محاولاتها تحميل مسؤولية مقتل ريجيني لعصابات محلية، ونقلت صحيفة “فيتو” إن أجهزة الأمن تحقق مع تشكيل عصابي يحتمل أن يكون له علاقة بالأشخاص الخمسة الذين تمت تصفيتهم قبل ذلك وأعلنت الوزارة في بيان رسمي أنها وراء اختطاف ومقتل ريجيني، قبل أن تتراجع بعد رفض إيطاليا لهذه الرواية.

وتعددت الروايات المصرية عن مقتل ريجيني.. أو مسلسل الإضافة والتراجع، والتراجع عنه، من ادعاء مصرعه في حادث سير، إلى الزعم بأنه كان شاذا جنسيا، مرورا بتحميل المسؤولية لعصابة ينتحل أفرادها صفة رجال الأمن، إلى إضافة أن أولئك المنتحِلين قد قُتلوا جميعا في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن. وهي سيناريوهات أثارت سخرية المتابعين ودفعت صحيفة “الأهرام المكسيكية” الساخرة إلى نشر خبر عن إعلان مصر تورط اللواء الراحل “سامح سيف اليزل” رئيس كتلة ائتلاف “دعم مصر” البرلمانية في مقتل ريجيني، اتساقا مع تحميل المسؤولية لأشخاص متوفين حتى لا يتم التوصل إلى الحقيقة.

تم نشره بموقع الجزيرة مباشر بتاريخ      4/5/2016

http://mubasher.aljazeera.net/news/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D9%85%D9%87%D9%8A%D8%AF-%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%A8%D8%AA%D9%88%D8%B1%D8%B7-%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AA-%D8%B1%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%B7%D8%A7%D9%81-%D9%88%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%B1%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D9%86%D9%8A

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى