اختطاف الطائرة المصرية .. عندما تتحول المأساة إلى ملهاة
على الرغم من أن حوادث اختطاف الطائرات دائما ما تكون خطيرة وتؤدي إلى نتائج مأساوية أو تؤثر على نفسية الركاب وطاقم الطائرة لفترة طويلة، إلا أن اختطاف الطائرة المصرية أمس الثلاثاء تحول إلى الأكثر إثارة للضحك في تاريخ حوادث الطائرات.
لم تتوقف أسباب الضحك عند سخرية المواطنين ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من الحادث وكتابة النكات والتعليقات الساخرة عنه، وإنما امتدت أيضا إلى التصريحات والمواقف المصاحبة للحادث، سواء من المسؤولين أو حتى من الركاب والخاطف نفسه.
المسؤولون
تعتبر التصريحات الرسمية للمسؤولين القاسم المشترك في أغلب المواقف المثيرة للسخرية؛ فقد اعتبر المتحدث الرسمي باسم وزارة الطيران المدني المصرية “إيهاب رسلان” أن الحادث بمثابة “دعاية جيدة لمصر” فيما يتعلق بمسألة تأمين المطارات، على حد قوله.
كما رفض وزير الطيران المدني شريف فتحي التشكيك فى إجراءات المطارات المصرية، مؤكدا أن “الحادث يمنحنا ثقة ويمكن استغلاله بشكل إيجابي”، حسب تعبيره، رغم أن الحادث أدى إلى اتخاذ السلطات الروسية قرارا بتأجيل استئناف الرحلات الجوية مع مصر إلى أجل غير مسمى. كما أثار انتقادات حول كيفية دخول الخاطف مرتديا ما يشبه الحزام الناسف، وهو ما أدى إلى تمكن الخاطف من خداع الجميع ومكنه من السيطرة على الطائرة. ونشر موقع “انفراد” تقريرا عن اكتشاف ثغرات أمنية فى اختبار أمنى بمطار “برج العرب” بالإسكندرية قبل أسبوع من الحادث. وكانت عبارة عن قيام أحد الضابط بارتداء زى شخص مدني ووصل إلي منطقة المهبط بالداخل وتجول عدة مرات، ولم يتدخل أي موظف بمطار برج العرب ليسأله عن سبب وجوده.
الدعاية كانت أيضا محورا لتصريح هشام النحاس رئيس شركة مصر للطيران، الذي قال إنه سيتم استغلال نجاح طاقم الطائرة وإدارة الأزمة كميزة يمكن الاستفادة منها خلال الفترة المقبلة فى الترويج للشركة.
وشهدت الساعات التي أعقبت خطف الطائرة تضاربا بين وزارة الطيران ورئاسة الجمهورية، فقد رفض وزير الطيران في البداية الكشف عن هوية خاطف الطائرة المصرية “حفاظا على العملية الأمنية” مؤكدا أنها “معلومات سابقة لآوانها”. لكن المتحدث باسم الرئاسة أعلن عن اسم الخاطف بعد دقائق من انتهاء المؤتمر الصحفي للوزير.
وتفاخرت صفاء حجازي رئيس قطاع الأخبار باتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري بانفراد التلفزيون المصري بصورة خاطف الطائرة، وأكدت أن وكالة “أسوشيتد برس” اشترتها بـ600 دولار.
الركاب
الصورة كانت محورا لخبر آخر، فقد قام أحد الركاب البريطانيين بالتقاط صورة تجمعه مع الخاطف على متن الطائرة وأرسلها لأحد أصدقائه، ويبدو الراكب في الصورة مبتسما وكأنه ليس في طائرة مختطفة. وهي صورة تصدرت عناوين الصحف العالمية الصادرة اليوم الأربعاء، مثل الصحف البريطانية “ذا صن” و”ديلي تليجراف” و”ذا تايمز”.
ووصف راكب آخر كان على متن الطائرة تجربة الاختطاف بأنها كانت “لذيذة” لأنها “لا تحدث إلا مرة واحدة في العمر”. وقال ثالث : أنا حاسس إننا كنا في عرس.
ورغم ضيقه من سخرية المصريين من الحادث، إلا أن الراكب “عبد الله العشماوي” حكى عدة مواقف طريفة من خلال منشور له على حسابه الشخصي على فيسبوك. منها أن أحد الركاب المصريين قرر محادثة جميع أفراد عائلته وأصدقائه واحدًا تلو الآخر ليخبرهم بأنه تعرض للاختطاف بصوت عال، واتصل راكب آخر بزوجته ليخبرها عن مال كان يخفيه في البنك دون علمها، لتتناسى الزوجة أن زوجها مختطف وتطلب منه إعادة اسم البنك مرة أخرى. فيما كان راكب ثالث غاضبا بشدة من مصادرة دجاجة مجمدة منه كان قد خبئها في حقيبة يده، وكشف عنها أثناء رحلة الركاب الأخيرة إلى القاهرة بعد تحريرهم. حيث صاح في وجه رجال الأمن “بتعدوا حزام ناسف ومش عايزيني آخد فرختي”.
طاقم الطائرة
حكى الطيار عمرو الجمل كابتن الطائرة موقفا طريفا حدث مع الخاطف، إذ أبدى تعجبه من طريقة تعامل الأخير مع الطاقم والركاب، قائلا في تصريحات للتلفزيون المصري إن “المختطف كان مسالما جدًا، وعندما قمنا باستئذانه لتصويره وافق دون تردد، وعزمناه على شاي وعصير”، مضيفًا: “كان بيسمع كلامنا في كل حاجة، ووافق على نزول كل الركاب”، حسب تعبيره.
وكشف الجمل عن قيام الخاطف بإعطائه مظروفا يحتوي على 6 ورقات، يتضمن معلومات عن جماعة تُدعى “التحرير الديمقراطي”، ومطالب بتحرير سجناء، لكن المظروف كان يحتوي على اسم طليقته.
الإعلام
لم يخل الحادث من طرائف قامت بها وسائل إعلام مصرية، فقد بثت قناة “الحياة” خبرا عاجلا يفيد بأن وزارة الداخلية أصدرت بيانا باللغة الإنجليزية “للمرة الأولى”، باعتباره حدثا هاما يستحق بثه في خبر عاجل، دون تناول مضمون البيان نفسه.
وسيطرت نظرية المؤامرة -الموجودة بكثافة في تغطيات الإعلام المصري- على الكاتبة الصحفية فريدة النقاش، فرغم أنها اعتبرت أن الحادث يشير إلى وجود ثغرات بالمطارات المصرية، إلا أنها قالت إن جماعة الإخوان المسلمين ربما تكون وراء خطف الطائرة لأن “هناك من يتربص بمصر”.
أما المذيع أحمد موسى فقد أكمل نظرية المؤامرة في برنامجه التلفزيوني، معتبرا أن الهدف من الحادث كان “إحراج مصر أمام العالم كله، واستكمال الحصار الدولي والاقتصادي لها، وضرب السياحة”، زاعما أن الخاطف طالب بالإفراج عن المقبوض عليهم في قضية التمويل الأجنبي، وأن هذا يؤكد على خيانة المتهمين في هذه القضية، على حد قوله.
ويأتي زعم موسى رغم أن الخاطف لم يطلب الإفراج عن أي متهمين في قضية التمويل الأجنبي، كما أن أحدا من المتهمين لم يصدر قرار بحبسه حتى الآن ليطالب أحد بالإفراج عنهم.
وعزف الصحفي والنائب البرلماني مصطفى بكري على نفس النغمة، مرجعا سبب اختطاف الطائرة إلى الرغبة في وقف محاكمات قضية التمويل الأجنبي.
سخرية متنوعة
ورأت إحدى شركات السياحة أن هبوط الطائرة المصرية في قبرص بمثابة فرصة تسويقية لجذب ركاب جدد، ونشرت إعلانا على صفحتها على فيسبوك “احجز معانا رحلة للغردقة الخميس 7 أبريل وممكن تتخطف وتروح قبرص ب 180 جنيها بس. ومين عارف يمكن الزهر يلعب وتروح فرنسا أو إيطاليا”.
امتدت حالة السخرية إلى الرئيس القبرصي نيكوس آناستاسيادس، الذي مازح الصحفيين قائلا إن أي حادث لا علاقة له بالإرهاب، “يجب البحث عن المرأة”، في إشارة إلى طلب الخاطف لقاء زوجته القبرصية السابقة، مضيفا “دائما هناك نساء في هذه الأمور”.
حادث اختطاف الطائرة المصرية أجملته الكاتبة بسمة الحسيني في حسابها على موقع فيسبوك قائلة “مرة واحد معاهوش سلاح خطف طيارة من غير سبب وأفرج عن الرهائن من غير مطالب”.
تم نشره بموقع الجزيرة مباشر بتاريخ 4/1/2016
http://mubasher.aljazeera.net/news/%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%B7%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%86%D8%AF%D9%85%D8%A7-%D8%AA%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%84%D9%87%D8%A7%D8%A9