تحقيقات العربي الجديدسياسةمصر

انقلابات الناصريين.. من معاداة إسرائيل إلى التحريض على المقاومة

ثمة علاقات خاصة ووثيقة، تربط بين الناصريين المصريين والانقلابات، فالرئيس الراحل جمال عبد الناصر وصل إلى سدة الحكم عبر انقلاب عسكري أطلق عليه بعد ذلك اسم “ثورة 23 يوليو 1952″، وهو انقلاب عده العديد من الباحثين سببا في تشجيع وإلهام ضباط، في دول عربية عدة للاقتداء به، فجاء معمر القذافي وصدام حسين وحافظ الأسد بانقلابات عسكرية، أدت إلى تدمير هذه الدول.

بعد أن قام عبد الفتاح السيسي في الثالث من يوليو عام 2013، بالانقلاب على نظام الرئيس محمد مرسي، عاد الناصريون إلى سيرة التأييد المتحمس للانقلابات، إذ روج العديد منهم أن السيسي، يمثل امتدادا لجمال عبد الناصر.

لكن المثير للدهشة هو أن تأييد انقلاب السيسي، دمر المبادئ الرئيسية للتيار الناصري التي يقدم بها نفسه للجماهير والتي تتلخص في مساندة القضية الفلسطينية وحركات المقاومة، ومعاداة إسرائيل أو التطبيع معها، بعد أن وضع نظام السيسي الناصريين المصريين، في مواجهة واضحة مع تلك المبادئ، نتيجة سياساته المغايرة لسياسات عبد الناصر ظاهريا، فماذا فعلوا تجاه هذا التحدي؟

اقرأ أيضاً: أحمد موسى.. رجل السيسي المجنون

(1)

في السادس من أغسطس/آب 2015، توجه الكاتب الصحفي الناصري “سليمان الحكيم” إلى منطقة القناة، لحضور افتتاح تفريعة قناة السويس التي تقرر أن يقام لها حفل أسطوري.

لكن الحكيم أوقعه حظه العاثر أمام كمين للجيش، عامله بصورة فظة، موجها له عددا من الإهانات، ليعلن الحكيم عما تعرض له على حسابه الشخصي على فيسبوك، ومفجرا مفاجأة صادمة، إذ كتب يقول إنه سيتقدم بطلب للهجرة إلى إسرائيل.

لم يوضح الحكيم سببا لاختيار إسرائيل بالذات، رغم أنه من المفترض بخلفيته الناصرية أنها أكثر كيان على وجه الأرض يضمر له الكراهية، ورغم أن الناصريين الذين دعموا انقلاب السيسي بقوة لم يتوقفوا عن اتهام معارضي الانقلاب بالخيانة والعمالة لإسرائيل، والدعاية للسيسي باعتباره يقف في وجه القوى الاستعمارية مثلما فعل جمال عبد الناصر.

لكن هذه الأسئلة لم تنل حظها من الاهتمام، بعد “الانقلاب” الذي قام به سليمان الحكيم في أفكاره، إذ كتب مقالا بعنوان “ليست قناة وليست جديدة” عن نفس المشروع الذي كان ذاهبا إلى حفل افتتاحه باعتباره “قناة جديدة”.

اقرأ أيضاً: بالفيديو تماسيح في القاهرة.. 3 سيناريوهات محتملة

(2)

لأسباب واضحة لم يقم الكاتب الصحفي مصطفى بكري بانقلاب مماثل لذلك الذي قام به الحكيم تجاه نظام السيسي، بل بقي مخلصا للنظام منذ البداية وحتى اليوم. لكن انقلابه كان فيما يتعلق بالمقاومة الفلسطينية.

“هناك مؤامرة كبرى ضد حماس” هكذا صاح مصطفى بكري قبل سنوات في ظهور تلفزيوني له، مدافعا بقوة عن حركة المقاومة التي تدير قطاع غزة. تصريحات انسجمت مع زيارته للقطاع عام 2010، وحصوله على درع تكريمي من رئيس الوزراء الفلسطيني السابق إسماعيل هنية.

الآن تحولت حماس عند مصطفى بكري إلى كيان إرهابي، يتهمه بالمسؤولية عن العمليات ضد الجيش المصري في سيناء، كما يتهمه بالتنسيق مع داعش، وهي نفس الاتهامات التي وجهها مسؤولون إسرائيليون مرات عديدة لحركة حماس، أي أن الخطاب الإسرائيلي تطابق مع خطاب بكري “الناصري” عدو إسرائيل. والأغرب أن اتهامات بكري للحركة تطورت لتصبح اتهامات بالتنسيق مع إسرائيل لإقامة دولة فلسطينية في غزة وقتل الشهيد أحمد الجعبري.

وصل الأمر ببكري إلى التهجم على شهداء حماس السبعة الذين قضوا أثناء محاولتهم حفر نفق على الحدود الشمالية للقطاع مع الأراضي المحتلة، واصفا إياهم بـ”الخونة” وزاعما أنهم كانوا يحفرون النفق باتجاه الحدود المصرية لتنفيذ عمليات “إرهابية” لصالح جماعة الإخوان المسلمين. وحين أعرب الإعلامي طارق عبد الجابر عن رغبته في العودة إلى مصر ليدفن فيها، نصحه بكري بأن يذهب ليدفن نفسه في إسرائيل، رغم أن عبد الجابر كان يعمل مراسلا لصالح التلفزيون المصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويتذكر المصريون تقاريره المتعاطفة مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وهجومه المستمر على السياسة الإسرائيلية.

هذه هي نفس مفردات خطاب توفيق عكاشة الذي هاجمه بكري بعنف بعد استضافته للسفير الإسرائيلي في منزله، رغم أن عكاشة معروف بامتداحه المستمر لإسرائيل ودعوته الدائمة لها بسحق المقاومة أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، ولم ينس المصريون قيامه برفع الحذاء في وجه أهالي غزة، وتحيته لإسرائيل لقتلها المئات من الفلسطينيين، لكن بكري لم يهتم بكل ذلك وكانت صداقته لعكاشة معروفة للجميع، حتى وقع ذلك اللقاء الذي أجبر بكري على اتخاذ موقف حفاظا على ما تبقى من ناصريته، إن كان قد تبقى منها شيئا.

(3)

“مدحت العدل يستنكر تصريحات العريان حول عودة اليهود المصريين لوطنهم” كان هذا موقف الكاتب والسيناريست الناصري من تصريحات القيادي الإخواني الدكتور عصام العريان عام 2012، التي طالب فيها بعودة اليهود من أصل مصري إلى وطنهم. وقال في تغريدة على تويتر: إن “عصام العريان أطلقت عليه أحد الصحف الإسرائيلية البطل المُحب للشعب اليهودي” على حد قوله، دون أن يوضح اسم الصحيفة أو التقرير الذي أطلقت فيه ذلك الوصف.

في العام 2015 يطل علينا العدل بمسلسله التلفزيوني الرمضاني “حارة اليهود” الذي تدور أحداثه حول قصة حب بين “علي” ضابط الجيش المصري و”ليلى” الفتاة المصرية اليهودية”، ويتناول تواجد اليهود المصريين قبل ثورة يوليو، ويوجه أصابع الاتهام للإخوان المسلمين بأنهم السبب وراء رحيل اليهود عن مصر (وليس نظام جمال عبد الناصر)، بعد أن كانوا يتعايشون مع المصريين.

في جميع الحالات اعتبر العدل الإخوان هم الجناة، رغم أنه لمّح إلى اعتبار الإخوان خونة عندما دعا عصام العريان إلى عودتهم مرة أخرى، وها هو يتبنى نفس دعوة العريان مرة أخرى ويضع الإخوان في الجانب الآخر.

قام النقاد في ذلك الوقت بالكشف عن عشرات الأخطاء التاريخية التي امتلأت بها حلقات المسلسل، لكن الأهم كان في الإشادة الإسرائيلية الكبيرة به، فقد وصفه موقع “TimeS Of Israel” بأنه يُظهر اليهود بصورة طيبة، وقالت القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي إنه أول مسلسل يعرض اليهود بشكل واقعي، وأشادت السفارة الإسرائيلية بالقاهرة بالعمل من خلال صفحة “إسرائيل في مصر” على موقع فيسبوك، حيث علقت قائلة: “لقد شاهدنا في سفاره إسرائيل اولى حلقات المسلسل المصري حارة اليهود، ولقد لاحظنا لأول مرة أنه يمثل اليهود بطبيعتهم الحقيقية الإنسانية، كبني آدم قبل كل شيء، ونبارك على هذا”.

المفارقة أن موقع “Times of Israel”، اعتبر أن المسلسل خطوة في الاتجاه السليم، لتصحيح سياسات جمال عبد الناصر، الذي يبرئه العدل في مسلسله من المسؤولية عن ترحيل اليهود ملصقاً التهمة بجماعة الإخوان. أي أن الموقع كان أكثر إخلاصا لمبادئ الناصرية من مؤلف أوبريت “الحلم العربي”.

انتفض العدل مؤكدا أن ردود الفعل الإسرائيلية المرحبة بمسلسله لا تعنيه، وأن المسلسل لا يعني قيامه بالتطبيع مع إسرائيل، محاولا الإيحاء بأن الأخيرة انقلبت على المسلسل في الأيام التالية، ورغم أن إسرائيل انتقدت مضمون حلقات تالية من المسلسل، إلا أن فكرة العمل الرئيسية بقيت كما هي: أن الإخوان أصبحوا يؤدون دور الشرير لا اليهود، وفقا لتعليق صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية وتقرير مجلة “جون أفريك” الفرنسية.

وبقيت “المباركة” الإسرائيلية الأولى للعمل لترد على مزايدات العدل وادعاءاته السابقة حول ترحيب الصحافة الإسرائيلية بتصريحات عصام العريان، ولتوضح الفارق بين مدحت العدل بين عامي 2012 و2015.

اقرأ أيضاً: بالفيديو: بنتاغون سيتي..باعة إسرائيليون يستهدفون الأميركيين الشرق أوسطيين

(4) خليفة عبد الناصر “بطل التنسيق الأمني” مع إسرائيل

دائما كان رئيس تحرير صحيفة الحزب العربي الناصري السابق، عبد الحليم قنديل، يتهم مرسي وجماعة الإخوان بأنهم تابعون للولايات المتحدة “أكثر من مبارك” وفقا لتصريحاته في عهد مرسي. كما اتهم الولايات المتحدة بأنها تعد الفريق أحمد شفيق لخلافة السيسي بعد أن تغتال الأخير.

في إبريل/ نيسان 2013، يلخص  الكاتب الصحفي عبد الحليم قنديل، رأيه في حكم محمد مرسي وجماعة الإخوان، قائلا: “نظام مرسي عمل على حفظ أمن إسرائيل وتحويل المجهود المصري إلى خدمة أمن إسرائيل، رغم أن فلسطين بالنسبة لمصر قضية وطنية، النظام في مصر يتحكم ويعمل على السيطرة على الحركات الفلسطينية حتى لا تقوم بأي عمليات ضد إسرائيل”.

هذه الاتهامات لم يكن لها أي دليل سوى استغلال رسالة مرسي للرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، بدأت بجملة “صديقي العزيز بيريز” وقتها أقام الناصريون الدنيا ولم يقعدوها هجوما على مرسي واتهامه بالعمالة، وهو ما ثبت خطأه بعد ذلك كما قال الدكتور سيف الدين عبدالفتاح مستشار مرسي المستقيل، إن هذه الرسالة كانت جزءا من “مؤامرة ومهزلة قام بها أفراد من الحرس الجمهوري رغم تنبيه الرئيس مرسي لهم بأن أي رسالة موجهة للولايات المتحدة الأميركية أو إسرائيل يجب أن تعرض عليه منفردة في ملف مستقل”. وتابع: “المكلف بشؤون البروتوكول كتب هذه الرسالة ودسها في الملف ضمن الخطابات الاعتيادية التي تتعلق بتهاني اعتيادية”، دون أن يذكر اسم الشخص الذي فعل ذلك.

لم ينسَ الناصريون وعلى رأسهم عبدالحليم قنديل أبدا رسالة صديقي الحميم بيريز، رغم قيام مرسي بسحب السفير المصري من إسرائيل ومساندته قطاع غزة أثناء العدوان عليه عام 2012. والمفارقة أن عودة السفير الإسرائيلي جاءت في عهد السيسي، “ناصرهم الجديد”.

وصف قنديل إعادة افتتاح السفارة الإسرائيلية بالقاهرة بأنها “خطوة قبيحة معادية للشعب المصري” لكنه لم يذكر حرفا عن السيسي ومسؤوليته عن الأمر، وكأن أحدا غيره قد اتخذ هذه الخطوة القبيحة.

لم تكن عودة السفير الإسرائيلي المؤشر الوحيد على التقارب المصري الإسرائيلي في عهد السيسي، فقد سبق للأخير أن عبر عن شكره العميق لبيريز ولرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على “تهنئتهما الدافئة” بفوزه بالانتخابات الرئاسية، خلال اتصال هاتفي بينهما قبل حفل تنصيبه رئيسا. كما دعا السيسي إلى توسيع معاهدة السلام مع إسرائيل لتشمل دولا عربية أخرى، فضلا عن استقبال السيسي لأعضاء من منظمات اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة أكثر من مرة، وإشادة مسؤولين إسرائيليين عدة مرات بالتنسيق المصري غير المسبوق معهم. فماذا قال عبد الحليم قنديل، الذي يعتبر أن معاهدة السلام حولت مصر إلى مستعمرة أميركية، عما يقوله ويفعله السيسي؟

“السيسي بأفعاله لا أقواله” هكذا كان رد قنديل، مضيفا أن حديث السيسي عن توسيع معاهدة السلام “ليست أمرًا مستغربًا وطالما ترددت على ألسنة رؤساء وملوك وأمراء الدول العربية جميعهم”. لم يكتف قنديل بذلك بل أصر على إضفاء صفات البطولة على تلك التصريحات قائلا إن السيسي “اخترق هذه المعاهدة لأنه كان أهم قيد بها هو نزع سلاح سيناء بعمق 150 كيلو من خلال تقسيمها إلى مناطق أ، ب، ج”.

هذا الاختراق المزعوم اعترف قنديل نفسه بأنه تم بتنسيق مع إسرائيل، إلا أن المهم بالنسبة له هو النتيجة على حد قوله “قد يكون هذا تم بتنسيق أمني مع إسرائيل تحت إلحاح مصر بأهمية مواجهة الإرهاب في سيناء، لكن المهم هو النتيجة أن مناطق نزع السلاح في سيناء صارت أثراً من الماضي، ولا يتوقع في يوم من الأيام أن يعود جندي مصري واحد من على الحدود المصرية الفلسطينية التاريخية إلى حيث كان” هكذا إذن يحول قنديل السيسي إلى مقاوم شرس لإسرائيل عبر تنسيقه الأمني معها.

وعلى طريقة “كلنا فاسدون” يقول “كل الدول من قطر إلى المغرب تقيم علاقات مع إسرائيل سواء كان مصرحاً بها أم لا” أما الأولوية الآن فهي بالنسبة لقنديل “الأمة العربية الآن تخوض حربها ضد الفاشية الدينية”.

“التعبئة الإعلامية أحلت أطرافا عربية محل إسرائيل” هكذا يحلل قنديل نفسه في 2014 ما قام به بعد ذلك في العام التالي مباشرة.

(5)

التجاهل.. كان السمة الرئيسية لتعامل ناصريين آخرين مع التقارب المصري الإسرائيلي في عهد السيسي.

النائب كمال أحمد على سبيل المثال، الذي ضرب عكاشة بالحذاء، لم ينتبه لمفارقة تزامن مقابلة عكاشة مع استقبال السيسي لقيادات “مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية في أميركا”، الذي يضم منظمات اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وقد خرج رئيس الوفد معبرا عن “انبهاره” برؤية السيسي، وهو تناقض عبر عنه المفكر نادر فرجاني عندما تساءل: “أسقطوا عضوية نائب التطبيع، فماذا عن رئيس التطبيع” لكن كمال أحمد لم يلتفت إليه أو يحاول الإجابة عنه.

يستند موقف كمال أحمد وغيره ممن يتخذون ذات الموقف إلى رؤية مفادها أن هناك فارقا بين التطبيع “الرسمي” وبين التطبيع “الشعبي” لكنه ينسى أن عكاشة عضو في مجلس النواب، أي أن الأخير وفقا لتلك الرؤية يمثل الجانب الرسمي الذي يحق له التطبيع. كما أكد علي عبد العال رئيس مجلس النواب أن المجلس “يحترم المعاهدات والاتفاقات الدولية التي تلتزم بها الدولة”، وعلى رأسها إشارته إلى اتفاقية السلام مع إسرائيل. كما أكد أن “توقيع العقوبة على عكاشة ليس لاستقباله السفير الإسرائيلي، ولكن لتصريحاته خلال اللقاء عن أمور تمس الأمن القومي المصري”. فهل ينوي كمال أحمد الاستقالة من المجلس أو ضرب رئيسه بالحذاء؟

اقرأ أيضا: بالوثائق: التطبيع بين المغرب وإسرائيل من البذور للتمور

(6)

لسنوات طويلة ظلت الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي تتباهى وتكرر قصة طردها من إذاعة “مونت كارلو” الفرنسية بسبب رفضها إجراء حوار مع شيمون بيريز وزير خارجية إسرائيل آنذاك، بعد توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، وتحكي أنها قالت لمدير إذاعة مونت كارلو: “أمسح بلاط ولا أصافح بيدي صهيوني حقير مجرم”.

ربما لهذا السبب هاجمت الشوباشي بشدة رسالة مرسي لبيريز، فكتبت مقالا في صحيفة الوطن أكدت فيه أن الدموع تترقرق في عينيها لمجرد سماع اسم بيريز، لأنه يذكرها بـ”قصف مدرسة بحر البقر ومصنع عمال أبوزعبل، ومدن القناة، ناهيك عما اقترفه في الدول العربية الأخرى”. وانسجاما مع هذا الموقف وصفت الشوباشي جماعة الإخوان المسلمين بعد الانقلاب بأنها “أكبر تشكيل سياسي خدم إسرائيل”.

لكن إسرائيل، التي ما يزال بيريز رئيسا لها، توقفت عن أن تكون سببا في ترقرق عيني الشوباشي بالدموع. عندما أكدت أنها لا تعارض مصطلح “التطبيع” شرط أن تفهم إسرائيل أن الشعب المصري يطالبها بأن تكون “دولة طبيعية لا مغتصبة” على حد قولها، وهو ما يمثل تناقضا مع المبادئ الناصرية التي تنادي بتحرير كامل فلسطين من النهر إلى البحر.

لكن هذا التغير سيكون مفهوما عندما نجد أن الشوباشي وصفت جماعة الإخوان المسلمين بأنها “أخطر على مصر من إسرائيل لأنهم يستهدفون المدنيين خلال عملياتهم الإرهابية” مؤكدة أنه “لا تفاوض ولا تصالح مع الجماعة”.

تناست الشوباشي جرائم إسرائيل في بحر البقر وغيرها التي كانت تتحدث عنها، واعتبرت أن “استهداف المدنيين” لم تفعله إسرائيل، ولذلك اعتبرت الإخوان أخطر منها، لأنهم يستهدفون المدنيين حسب زعمها.

غسيل السمعة

لم يكن النائب كمال أحمد الوحيد الذي استغل تطبيع توفيق عكاشة، فقد شكلت هذه القصية بشكل ما طوق نجاة للناصريين ليستعيدوا بعضا مما اضطروا إلى التخلي عنه ضريبة لتأييد السيسي، فقد عادوا إلى سيرتهم الأولى في الطنطنة بمصطلحات مثل رفض التطبيع والهجوم على إسرائيل ووصفها بالعدو.

إذ وصف مصطفى بكري ما فعله عكاشة بـ”فضيحة بمعنى الكلمة وعار ما بعده عار” وعبر مدحت العدل عن رفضه لمقابلة السفير الإسرائيلي “شكلا وموضوعا” فيما قالت فريدة الشوباشي إن ما فعله عكاشة أشعرها بـ”الغثيان”. لكن هذه المواقف لم تتجاوز عكاشة إلى من هو أبعد منه، أي السيسي نفسه، فلا يزال هو البطل خليفة عبد الناصر الذي يقاوم الإمبريالية والصهيونية بالنسبة إليهم.

تم نشر هذا التحقيق على موقع العربي الجديد بتاريخ  3/21/2016

https://www.alaraby.co.uk/%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%85%D9%86-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B6-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%88%D9%85%D8%A9

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى