الانتخابات الرئاسية المبكرة.. حديث الساعة في مصر
في شهر يونيو/ حزيران من العام الماضي، طالب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح الرئاسي السابق، بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال عام وتفويض صلاحيات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى رئيس وزراء جديد.
تضمنت مبادرة أبو الفتوح أيضا إعادة هيكلة وزارة الداخلية، والإفراج عن المحتجزين تحت الحبس الاحتياطي غير المدانين في قضايا الإرهاب والقتل، والإفراج الفوري عن الطلاب والسيدات وكبار السن وذوي المشاكل الصحية، وإعادة النظر في الأحكام الصادرة بحق المحكوم عليهم خلال الفترة الماضية، وإصدار عفو عام عن قيادات كافة التيارات المعارضة التي لم يثبت بدلائل واضحة معلنة تورطها في أي جريمة، وإجراء مصالحة شاملة.
بعد تقديم هذه المقترحات تعرض أبو الفتوح إلى حملة إعلامية كبيرة من وسائل إعلام مؤيدة للنظام، هاجمته بشدة، واتهمته ب”الخيانة” والعمل لصالح جماعة الإخوان المسلمين.
لكن الحديث عن الانتخابات المبكرة عاد إلى الساحة بقوة خلال الأيام والأسابيع الماضية، عقب تصاعد الانتقادات الحادة لنظام السيسي، نتيجة الفشل في تنفيذ المشروعات التي كان قد وعد بالانتهاء منها، وتفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يواجهها المواطنون، والتراجع في الملفات السياسية الداخلية والخارجية.
توفيق عكاشة
كان توفيق عكاشة أول من أعاد الحديث عن الموضوع قبل إسقاط عضويته من مجلس النواب، حيث طالب في 21 فبراير/ شباط الماضي بالدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة وحل مجلس النواب وتشكيل حكومة جديدة وإجراء انتخابات برلمانية جديدة.
وأسقط مجلس النواب عضوية توفيق عكاشة بعد لقائه السفير الإسرائيلي بالقاهرة في منزله؛ لكن علي عبد العال رئيس المجلس أكد أن اللقاء لم يكن هو السبب في إسقاط عضوية عكاشة، وإنما بسبب “حديثه في أمور تمس الأمن القومي خلال اللقاء” على حد قوله، دون توضيح أي تفاصيل إضافية.
خطة رحيل السيسي
“في ناس النهاردة بتستغل الوضع لكي يرحل عبد الفتاح السيسي، مش بطريقة مبارك أو بطريقة مرسي، لا، الطريقة الجديدة هي استخدام الديمقراطية” هكذا ألمح المذيع عمرو أديب قبل أيام بصيغة تحذيرية إلى استغلال المطالبات بانتخابات رئاسية المبكرة لكي يرحل السيسي عن الحكم، مؤكدا أن ما سماها “خطة رحيل السيسي” قد بدأت بالفعل، وأن هناك ضابطا ومهندسا لتلك الخطة، مشيرا إلى محاولات لاستبدال السيسي.
كلام على الحافة
وفي الثامن من مارس/ آذار الجاري، نشر الكاتب عبد الله السناوي مقالا في صحيف الشروق المصرية بعنوان “كلام على الحافة” أكد فيه أن هناك مداولات فى عواصم غربية كبرى بشأن مدى قدرة النظام المصري الحالي على البقاء، واصفا الأداء العام بأنه “لا يوفر ثقة فى أي مستقبل ويكاد أن يلامس الانهيار” مضيفا “بحسب إشارات أولية فإن هناك نزوعا متصاعدا لدى بعض الأطراف الغربية للضغط على الرئيس عبدالفتاح السيسي لعدم استكمال فترته الرئاسية الأولى”.
وحذر السناوي في مقاله من الإجراءات الاقتصادية التي تنوي الحكومة المصرية اتخاذها لأنها ستؤدي إلى “تفجير الأوضاع” حسب تعبيره.
ممدوح حمزة
وتحدث الناشط السياسي ممدوح حمزة عن الانتخابات المبكرة مرتين، كانت الأولى أول أمس الاثنين خلال حفل توقيع كتاب للروائي “علاء الأسواني”، وفيه شن هجوما على السيسي، قائلا إن القوى السياسية طالبته في 30 يونيو 2013 بانتخابات رئاسية مبكرة، إلا أنه استغل القوة العسكرية واعتقل الرئيس المعزول محمد مرسي.
وتابع أن الادعاء بأن السيسي أنقذ مصر غير دقيق، قائلا “نفترض أن شخصا أنقذ امرأة من الاغتصاب، فليس هذا معناه أن تحلو في عينيه”.
أما المرة الثانية فكانت خلال حوار مع موقع “التحرير” أمس الثلاثاء، وفيه أكد أن السيسي غير قادر على تحمل المسؤولية، داعيا إياه إلى الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة خلال ثلاثة أشهر من الآن.
وأضاف حمزة في الحوار “أرى أنَّ عددًا كبيرًا من الذين صوتوا للسيسي سحبوا ثقتهم منه الآن، وأنا أحدهم، لا سيَّما لأنَّه فشل في كل شيء، سياسيًّا واجتماعيًا واقتصاديًّا”. مطالبا بما سماه “تسوية” مع جماعة الإخوان حتى تستقر البلاد.
مصالحة وبديل للسيسي
التسوية مع الإخوان طالب بها أيضا الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون، وأستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية، الذي كشف في حوار مع موقع “هافينغتون بوست عربي” عن “مصالحة قادمة بين الحكومة المصرية وجماعة الإخوان المسلمين خلال شهور من الآن”.
أما عن شعبية السيسي فرأى إبراهيم في حواره أنها تتآكل وفقا للإحصاءات التي قام بها مركزه، متوقعا طرح بديل له من المؤسسة العسكرية لفترة رئاسية واحدة تكون مهمته استكمال ما لم يستكمله السيسي” تؤول الأمور بعد ذلك إلى المدنيين، مرشحا الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح باعتباره “الأنسب كبديل للسيسي”، ومعه أيمن نور رئيس حزب الغد.
ونقل الموقع عن مسئول مصري على اطلاع بملف الإخوان في مصر بأن “المصالحة قادمة بلا شك؛ لأنه لا يمكن أن تستمر الأحوال على ما هي عليه في مصر بهذا الشكل” مؤكدا وجود رغبة لدى قطاعات كبيرة في الدولة في إبرام مصالحة مع التيار الإسلامي والإخوان “بشروط تتضمن وقف العنف والتفجيرات والانخراط في الحياة السياسية”.
وكان الدكتور سعد الدين إبراهيم قد صرح أواخر فبراير/ شباط الماضي بأن “د.محمود حسين” أمين عام جماعة الإخوان المسلمين قد طلب منه بشكل –غير صريح- تجديد مصالحة الجماعة مع الدولة. لكن الأمين العام للجماعة أصدر نفيا بعدها بساعات.
البديل “الحقيقي”
ويبدو أن حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق أراد الانخراط مبكرا في سباق بديل السيسي، إذ أصدر بيانا في الرابع من الشهر الجاري حمل عنوان “نداء للشعب المصرى.. لنصنع البديل الحقيقي”، حمل “توقيع اللجنة التحضيرية لتوحيد القوى المدنية الوطنية”.
واعتبر البيان أن “مصر تعيش في حالة مريضة، حيث لا يرى الشعب غير خيار واحد، هو ذلك الذي حددته السلطات. ومن أجل هذا الخيار الذي اختبرناه لسنوات طويلة، وعرفنا مدى عدم صوابه ولا ملاءمته لواقعنا” داعيا إلى توحيد القوى المدنية لتحقيق مطالب الثورة في عدالة اجتماعية وحرية وكرامة إنسانية و”مسار حكم وطني مدني حديث لا يجب التخلي عنه تحت أي ذريعة”.
لكن حمدين تراجع بعد ذلك وقال إنه لا يدعو إلى انتخابات مبكرة وإنما إلى توحيد المعارضة فقط.
مطالبات فنية
وامتدت المطالبات إلى الفنانين، إذ دعا الفنان خالد أبو النجا إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة “بدل كل الكوارث اللي إحنا فيها بسبب سياسات السيسي” وفقا لما كتبه على حسابه الشخصي بموقع تويتر أول أمس الاثنين.
رفض الانتخابات
إلا أن إعلاميين آخرين تناولوا الموضوع من زاوية أخرى، تحتوي على رفض لإجراء أي انتخابات مبكرة. كان من هؤلاء “عبد الناصر سلامة” رئيس تحرير الأهرام السابق، الذي أكد في مقاله بصحيفة المصري اليوم يوم السبت الماضي، أن الوضع الداخلي لا يحتمل ذلك في الوقت الراهن، وأن المجتمع قد لا يتحمل أي صدمة أخرى “خاصة إذا أخذنا فى الاعتبار أن القائمين على أمر البلاد لن يقبلوا ذلك ببساطة، وبالتالي يجب أن نكون كشعب على استعداد لتحمل مزيد من التكاليف” وفقا لما جاء في المقال.
واقترح سلامة في المقال ضرورة “إصلاح الأوضاع المزرية على مختلف الأصعدة، فقد بدا واضحا أننا نسير إلى طريق الهاوية (…) وإلا فإن الأمر يستدعى اعترافاً بالإخفاق، وانسحاباً مُهذباً وآمناً من المشهد، انطلاقاً من ضمير وطني، وحرصاً على سلام المجتمع”.
أما المذيع أسامة كمال المقرب من السيسي فكان أكثر حدة في رفضه لإجراء الانتخابات، معبرا عن “صدمته” من هذا الطرح، ومؤكدا أن “جموع الشعب المصري” سترفض مثل هذا الأمر.
حافة الهاوية
على الجانب الآخر، اعتبر الكاتب وائل قنديل في مقاله بصحيفة العربي الجديد، أن التحذيرات المتكررة باقتراب سقوط السيسي وانهيار نظامه ما هي إلا عملية إنقاذ لزعامة السيسي من الانهيار، عبر استخدام تكتيك “حافة الهاوية”، الذي يهدف أيضا –بحسب قنديل- إلى تهدئة المعارضين عبر الإيحاء باقتراب استبدال السيسي.
تم نشره بموقع الجزيرة مباشر بتاريخ 3/17/2016
http://mubasher.aljazeera.net/news/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D9%83%D8%B1%D8%A9-%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1