مصر.. تجاهل وتهميش للجهاز المركزي للمحاسبات

بعد عدة أسابيع من الضجة التي أثارتها تصريحات المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات حول تكلفة الفساد في مصر، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا جمهورياً في 11 فبراير/ شباط الجاري بتشكيل لجنة برئاسة المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء السابق، تختص بحصر واسترداد أراضي الدولة التي يثبت الاستيلاء عليها.
وضمت اللجنة عضوية كل من وزير التنمية المحلية، واللواء أحمد جمال الدين مستشار السيسي لشؤون الأمن ومكافحة الإرهاب، وممثلين عن وزارات الدفاع والعدل، والداخلية، والمخابرات العامة، وهيئة الرقابة الإدارية، ومباحث الأموال العامة، ومصلحة الشهر العقاري، وهيئة المساحة المصرية.
وقد أثار القرار جدلا كبيرا بعد تجاهله ضم أي ممثل عن الجهاز المركزي للمحاسبات في اللجنة، وهو ما رآه أعضاء بالجهاز تعديا على اختصاص أصيل له، وفقا لما نشرته صحيفة “الوطن” المصرية نقلا عن مصادر داخل الجهاز.
وكشفت المصادر أيضا أن الجهاز سبق أن قدم تقريراً بالتعاون مع هيئة الرقابة الإدارية حول قيمة مخالفات التعدي على أراضي الدولة للسيسي، والتي بلغت 440 مليار جنيه.
واعتبر عصام الإسلامبولي، المحامي بالنقض، في تصريحات لصحيفة الوطن، أن تشكيل اللجنة “مضيعة للوقت والمال”، مؤكدا أن اختصاص اللجنة التي شكّلها السيسي هي ذات الاختصاصات التي يمنحها الدستور والقانون لكل من الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية، خاصة أنهما قدما تقارير بشأن الأراضي المعتدى عليها، ولم يتم محاسبة أي مسئول، وهو ما أرجعه إلى “غياب الإرادة الحقيقية لمواجهة هذه الظاهرة”.
بعد هذا القرار بيومين، قررت النيابة الإدارية عدم إخطار الجهاز المركزي للمحاسبات بالقرارات التي تصدر من النيابة في القضايا التي تنطوي على مخالفات مالية.
واستند قرار رئيس النيابة الإدارية في قراره إلى ما سماها “أحكام المادة 197 من الدستور المصري التي تفيد بأنه لا رقابة للجهاز المركزي للمحاسبات أو أي جهة أخرى على قرارات النيابة الإدارية الصادرة بالحفظ أو توقيع الجزاء، وإنما يكون لذوى الشأن الطعن على تلك القرارات أمام المحكمة التأديبية المختصة.
ونقلت صحيفة “الشروق المصرية” عن مصدر بالنيابة الادارية، تأكيده تعارض هذا القرار مع اختصاصات الجهاز المركزي للمحاسبات، حيث كان يتم إخطار الجهاز بأي مخالفة مالية تصدر من الموظفين في الجهات الواقعة تحت ولايته، لأنه أكبر جهاز رقابي على المال العام بالدولة.
وأوضح المصدر أن القرارات التي عقب الجهاز المركزي عليها بطلب إحالتها إلى المحكمة التأديبية، سوف يتم إلغاءها من تاريخ سريان هذا القرار، دون الالتفات لتعقيبات الجهاز.
وكان المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات قد صرح في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي أن تكلفة الفساد في مصر وصلت إلى 600 مليار جنيه، وهو ما أدى إلى إصدار السيسي قرارا بتشكيل لجنة للتحقيق في هذه التصريحات.
وبالفعل خرجت اللجنة لتدين جنينة، وتتهمه بالمبالغة وعدم المصداقية، بالتوازي مع حملة إعلامية ضده، ليرد جنينة على اللجنة متهما إياها باستخدام عبارات دعائية، ونشر بيانا مفصلا يفند ادعاءات اللجنة، ليصدر النائب العام قرارا بحظر النشر في القضية بعد ساعات قليلة من نشر رد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات.
وفي شأن آخر، حددت محكمة الإسكندرية للأمور المستعجلة جلسة 29 مارس/ آذار للحكم في دعوى تطالب بعزل هشام جنينة، بحجة فقدانه “شرط الثقة والاعتبار” الذي يؤهله لشغل هذا المنصب.
واستند مقيم الدعوى على القانون رقم 89 لسنة 2015 الذي يجيز لرئيس الجمهورية عزل أي من رؤساء أو أعضاء الأجهزة الرقابية من مناصبهم حال إخلاله بواجبات وظيفته وإضراره بالمصالح العليا بالبلاد.
وكان السيسي قد أصدر قرارا جمهوريا في يوليو/ تموز من العام الماضي، يمنح بموجبه الحق لنفسه في عزل رؤساء الهيئات والأجهزة الرقابية.
وحدد القرار 4 حالات يجوز فيها إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، وهي:
1- إذا قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها .
2- إذا فقد الثقة والاعتبار .
3 – إذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة.
4- إذا فقد أحد شروط الصلاحية للمنصب الذي يشغله لغير الأسباب الصحية.
تم نشره بموقع الجزيرة مباشر بتاريخ 2/16/2016
http://mubasher.aljazeera.net/news/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D9%87%D9%84-%D9%88%D8%AA%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%B4-%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2%D9%8A-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%AA