من جديد عاد خطاب المؤامرة بقوة إلى الإعلام المصري عقب تداعيات حادث سقوط الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء.
خطاب المؤامرة ركز هذه المرة على بريطانيا، التي كانت الدولة الأولى التي تعلن عن إجلاء رعاياها عن مصر أثناء زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى لندن، بعد الكشف عن وضع عبوة ناسفة داخل الطائرة.
لندن تدعم الإخوان!
وركزت تغطيات الصحف والفضائيات المصرية على أن لندن تعد أحد المعاقل الرئيسية لجماعة الإخوان المسلمين، وأن الحكومة البريطانية تدعم الإخوان، وقالت صحيفة “المصري اليوم” نقلا عن مصادر لم تسمها، إن التنظيم الدولى للإخوان في العاصمة البريطانية أعد مخططاً دولياً لتدمير الاقتصاد المصري (من خلال العمل على فرض حصار اقتصادي على مصر، وإبعاد المستثمرين عنها بدعوى سوء الأحوال الأمنية، وضرب السياحة الوافدة إلى مصر باعتبارها أحد الموارد الاقتصادية المهمة في البلاد، تمهيداً لإثارة الشعب ضد الرئيس عبدالفتاح السيسى، بسبب سوء الأحوال الاقتصادية والمعيشية، وبالتالى يثور الشعب من جديد ضد الرئيس) وفقا لما ذكرته الصحيفة.
ولم يتوقف الهجوم عند الحكومة البريطانية، بل تعدى إلى الإعلام البريطاني، خاصة صحيفة “ديلي ميل” التي كشفت عن قيام أحد الطيارين البريطانيين بتفادي صاروخ كاد أن يصيب الطائرة في أغسطس الماضي.
ورغم أن صحفا بريطانية أخرى نشرت القصة، مثل صحيفة الغارديان التي نقلتها على لسان وزير النقل البريطاني، إلا أن الإعلام المصري ركز على صحيفة ديلي ميل، ودعم هاشتاج “طيار الديلي ميل” الذي يسخر من القصة ويؤكد على عدم معقوليتها، رغم اعتراف وزارة الخارجية بالقصة ضمنيا في إطار ردها على ديلي ميل، حيث أقر المتحدث الرسمي باسم الوزارة بحقيقة الحادث، وأرجع الأمر إلى وجود تدريبات عسكرية في ذلك الوقت بالقرب من مكان الطائرة.
“ديفيد كاميرون” إخوان !
وشن وزير الخارجية المصري سامح شكري هجوما على قناة الجزيرة لأنها نشرت رد المتحدث باسم وزارة الخارجية على صحيفة الديلي ميل.
ووصل الهجوم إلى ادعاء الفنان المصري “عزت العلايلي” أن جون براون رئيس وزراء بريطانيا (يقصد ديفيد كاميرون) ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين. وفقا لمداخلته التليفونية على قناة “العاصمة”.
أما المذيع خيري رمضان، فقال في برنامجه على قناة سي بي سي إن البلاد في حالة حرب، وأعلن عما سماه توقفه عن انتقاد السيسي في الوقت الحاضر، وهو ما أثار سخرية المعلقين الذين قالوا إن رمضان لم يسبق له انتقاد السيسي أصلا حتى يتوقف عن ذلك.
وقام الصحفي خالد صلاح بتكفير من قال إنهم الشامتون في قرار وقف الرحلات، حيث قال في تغريدة على حسابه الشخصي على موقع تويتر: “كلاب الإرهاب شمتانين فى مصر. وبيعايروا الدولة المصرية. دى مش خيانة. ده كفر”.
تجاهل الموقف الروسي
وكان اللافت في تغطيات الإعلام المصري هو تجاهل الحديث عن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقف الرحلات الجوية مع مصر وإجلاء الرعايا الروس مثلما فعلت بريطانيا ودول أوروبية أخرى، حتى لا يؤثر ذلك على خطاب المؤامرة الذي يتم تصديره. كما تم تجاهل إعلان الخطوط الجوية الإماراتية وقف الطيران في أجواء سيناء.
وكانت بعض الصفحات الموالية للسيسي قد زعمت أن بوتين أجبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على التراجع عن قرار بريطانيا وقف الرحلات إلى مصر، قبل أن يتم الإعلان عن قرار روسيا، وهو ما مثل صدمة لأنصار السيسي. كما نشرت صحيفة “البوابة نيوز” المؤيدة للسيسي إن بوتين أكد ضرورة عدم استباق الأحداث والاعتماد على التحقيق الرسمي، وقال موقع “فيتو” إن بوتين وبخ كاميرون في اتصال هاتفي بينهما على القرار البريطاني، قبل أن تنضم روسيا لقائمة الدول التي أوقفت الرحلات مع مصر.
وكان المذيع ممتاز القط قد زعم في برنامجه على قناة العاصمة أن السيسي أجبر كاميرون أيضا على إلغاء قرار وقف الرحلات، وهو ما اتضح عدم صحته.
ولجأت وسائل الإعلام المصرية عند الحديث عن القرار الروسي إلى طريقتين: الأولى هي تبرير القرار والتأكيد على أنه يأتي استجابة لضغوط غربية على موسكو، وأنه قرار مؤقت سينتهي سريعا.
أما الوسيلة الثانية فهي إنكار القرار الروسي أصلا، فنشرت مواقع إخبارية عديدة أن السيسي اتفق مع بوتين خلال اتصال هاتفي بينهما على استئناف الرحلات بين البلدين، لكنها كتبت في نص الخبر الداخلي إن القرار سيتم تنفيذه “في أقرب وقت ممكن” وهو ما يعني عمليا بقاء الوضع على ما هو عليه واستمرار قرار وقف الرحلات.
أما على المستوى الداخلي، فقد أطلقت وسائل الإعلام حملة لدعم السياحة الداخلية، ودعت المصريين للذهاب إلى شرم الشيخ، وحرصت على حشد الفنانين لدعم تلك الحملة، وزعمت أن الرحلات الجوية مستمرة إلى مطار شرم الشيخ، وأن السياح مازالوا يتوافدون على البلاد، وأن السياح الأجانب رافضون لمغادرة مصر والعودة إلى بلادهم.
تم نشره بموقع الجزيرة مباشر بتاريخ 11/8/2015
http://mubasher.aljazeera.net/news/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A9-%D9%84%D8%AF%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A
