مصر: أسلحة بالمليارات ومكافآت بالملايين وأزمة اقتصادية طاحنة

“الأزمة الاقتصادية تجبر مصر على القروض الدولية” .. هكذا عنونت صحيفة “المصري اليوم” الخاصة عددها الصادر صباح اليوم الخميس، في إطار تغطيتها لاعتزام الحكومة المصرية الحصول على قرض بصورة عاجلة من البنك الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، لتوفير النقد الأجنبي.
وكان احتياطي مصر من النقد الأجنبي قد انخفض للشهر الثالث على التوالي في سبتمبر الماضي، ليصل إلى 16.3 مليار دولار فقط.
الصحيفة نفسها كانت قد نشرت تقريرا يتحدث عن 5 مؤشرات على دخول الاقتصاد المصري مرحلة “الانهيار” قبل أن تقوم بتعديل العنوان وتستبدل كلمة “الانهيار” بـ”الخطر”.
هذه المؤشرات الخمسة وفقا للصحيفة هي: ارتفاع الديون الخارجية بمقدار 2.1 مليار دولار، التوجه نحو الاقتراض من البنك الدولي، تراجع إيرادات قناة السويس، تراجع احتياطي النقد الأجنبي، والأزمات الاقتصادية في دول الخليج.
وكان البنك المركزي المصري قد أعلن ارتفاع رصيد الدين الخارجي لمصر إلى 48.1 مليار دولار بنهاية العام المالي (2014 – 2015) ليصل إلى أعلى مستوى منذ 24 عاما.
وتراجعت إيرادات قناة السويس 48 مليون دولار خلال أغسطس/آب الماضي، وجاء إعلان الهيئة العامة لقناة السويس عن هذا التراجع بعد 3 أشهر كاملة من التعتيم وحجب تقارير الملاحة والإحصائيات الرسمية الخاصة بمعدلات الإيرادات الشهرية وأعداد وحمولات السفن المارة بقناة السويس، رغم أن القناة مطالبة بالكشف عن عن بياناتها الشهرية باعتبارها أهم ممر ملاحي حول العالم.
ويتوقع أن يصل الدين الداخلي لأرقام قياسية، بعد الإعلان عن اعتزام الحكومة اقتراض 281.5 مليار جنيه، خلال الفترة من أكتوبر/تشرين الأول الحالي وحتى نهاية شهر ديسمب/كانون الأول عبر إصدار أذون وسندات حكومية. وقد وصل الدين الداخلي بالفعل إلى 98% من الناتج المحلي.
وتسببت أزمة الدولار التي تمر بها البلاد في قيام شركات أجنبية بدراسة سحب استثماراتها البالغة 6.4 مليار دولار من البلاد، وفقا لما صرح به محرم هلال، نائب رئيس اتحاد جمعيات المستثمرين لصحيفة “الوطن”.
توقف 2400 مصنع نسيج عن العمل
مؤشرات أخرى نشرتها الصحف ووسائل الإعلام المصرية خلال الأيام الماضية تكشف عن حجم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، منها تصريح عبد الفتاح إبراهيم، رئيس النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج، لصحيفة اليوم السابع، بتوقف قرابة 50% من مصانع الغزل والنسيج عن العمل نهائيًا، بينما يعاني النصف الآخر من مشاكل عديدة، وأن قرابة 150 ألف عامل مشردون بسبب توقف حوالى 2400 مصنع متعثر كانوا يعملون بها، وهى نصف ما تملكه مصر من مصانع لصناعة الغزل والنسيج والملابس التي يبلغ عددها 4000 مصنع. ويتوقع أن تتأثر مصانع أخرى مثل مصانع الملابس الجاهزة، نظرا لاعتمادها على ما تنتجه مصانع النسيج.
وقال جمال الجارحى رئيس غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات إن 4 مصانع حديد توقفت عن العمل بسبب عدم قدرتها على تدبير العملات الدولارية اللازمة لشراء المواد الخام اللازم للإنتاج. بالإضافة إلى توقف 143 مصنعا في مدينة بدر في سبتمبر الماضي.
أيضا تعتزم الحكومة إصدار قرار برفع فئات التعريفة الجمركية على نحو 50 سلعة، بحجة “حماية الصناعة الوطنية” وفقا لما نشرته المصري اليوم، تمهيدًا لعرضه على السيسى، لإصدار قانون بموجب قرار جمهوري.
هذه الأزمات لفتت أنظار الصحف ووكالات الأنباء العالمية، فنشرت جريدة إيكونوميست الاقتصادية الشهيرة مقالا بعنوان “السيسي يسقط بمصر إلى نهاية مألوفة يعلمها الجميع”، فيما نشرت وكالة رويترز تقريرا مطولا عن تعثر المشروعات الكبرى التي وعد السيسي بتنفيذها، مثل مشروع المليون وحدة سكنية، ومشروع العاصمة الإدارية الجديدة، ومشاكل التمويل والتعثر التي تواجه مشروعات أخرى.
وتسببت هذه المؤشرات في قلق متزايد لدى أنصار النظام، فقامت صفحة “آسف يا ريس” المعادية لثورة يناير والمؤيدة للسيسي والرئيس المخلوع حسني مبارك، بنشر صورة تقارن فيها بين مؤشرات الأزمة الاقتصادية، وتصريحات سابقة للسيسي وأركان حكمه، قالوا فيها إن قناة السويس الجديدة ستحقق عائد 100 مليار دولار سنويا، وأنها غطت تكاليف حفرها، وأن المؤتمر الاقتصادي حقق 60 مليار دولار.
أسلحة بالمليارات
في المقابل، لا تبدو الحكومة المصرية حريصة على التقشف في مجالات أخرى، حيث بلغت مشتريات مصر من السلاح للعام الحالي 81 مليار جنيه، كانت آخرها حاملة الطائرات الفرنسية “ميسترال”.
المكافأة الثالثة للقضاة خلال أشهر
كما أصدر مجلس القضاء الأعلى قرارا بصرف مكافأة لكل القضاة وأعضاء النيابة العامة، قدرها 5 آلاف جنيه لكل قاض وعضو بالنيابة، تحت مسمى “جهود غير عادية”.
ويبلغ عدد القضاة وأعضاء النيابة العامة المقرر استفادتهم من القرار الصادر من مجلس القضاء الأعلى، نحو 15 ألف قاض وعضو نيابة، ليصبح المبلغ الإجمالي للمكافأة نحو 75 مليون جنيه.
وتعد هذه المكافأة هي الثالثة التي يصرفها المجلس منذ تولى رئيسه الجديد المستشار أحمد جمال الدين أول يوليو الماضي، حيث صرف بداية شهر سبتمبر الماضي مكافأة قدرها 10 ألاف جنيه لكل قاضي وعضو بالنيابة العامة تحت مسمى “مكافأة جهود إضافية”، متمثلة في منحتي عيد الأضحى وبداية العام الدراسي الجديد، بالإضافة إلى مكافأة مقدارها 5 آلاف جنيه أوائل سبتمبر الماضي تحت مسمى “جهود غير عادية”، ليصبح المبلغ 20 ألف جنيه لكل قاض وعضو نيابة خلال 40 يوما. وقدرت صحيفة “الشروق” إجمالي المبالغ المصروفة للقضاة خلال هذه المدة بنحو 300 مليون جنيه.
وسبق أن اعتمد المجلس في يونيو/حزيران الماضي زيادة في الحوافز، وإضافي المرتب بنسبة 30% حيث قرر المجلس بزيادة مخصصات القضاة وأعضاء النيابة العامة على اختلاف درجاتهم ومحاكمهم بنسبة 30%، حيث شملت الزيادة المبلغ الإضافي الشهري وحوافز تميز الأداء ومقابل العمل الإضافي وحافز الإنجاز وزيادة بدل علاج العاملين على اختلاف درجاتهم ومحاكمهم والنيابة العامة.
تم نشره بموقع الجزيرة مباشر بتاريخ 10/21/2015
http://mubasher.aljazeera.net/news/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%A3%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%81%D8%A2%D8%AA-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%B7%D8%A7%D8%AD%D9%86%D8%A9