العفو الدولية: مقتل طفلة سورية برصاص الأمن المصري
سلطت منظمة العفو الدولية في نشرتها الشهرية حول سوريا الضوء على مقتل طفلة سورية برصاص الأمن المصري في أغسطس/آب الماضي، أثناء محاولة عائلتها الفرار إلى أوروبا.
ويقول رب الأسرة في التقرير الذي نشرته المنظمة (لم تذكر اسمه) إنه يعيش مع زوجته وأطفاله السبعة في مصر منذ 3 سنوات، واصفا الحياة هناك بأنها “لا تطاق” حيث تنعدم فرص العمل والرعاية الصحية وتعليم أطفاله، لذا قام بدفع نقود إلى مهربين لنقله مع عائلته إلى أوروبا.
وفي السادس من أغسطس/آب الماضي، اصطحب رب الأسرة عائلته نحو بلطيم (مدينة ساحلية في مصر) حيث قابل المهربين، وكانت المجموعة مؤلفة من 96 لاجئاً ومهاجراً، بينهم سوريون وسودانيون وإرتيريون ومصريون أيضاً. وكان من المفترض نقلهم جميعاً إلى قارب يقلهم إلى إيطاليا. بيد أن ذلك الترتيب جاء في اليوم نفسه الذي كانت السلطات المصرية تحتفل بافتتاح الفرع الجديد لقناة السويس، حيث تم تشديد الوجود الأمني الكثيف في جميع النقاط الحدودية الساحلية المصرية.
وتابع رب الأسرة “نقلَنا المهربون بالسيارات من بلطيم إلى طريق سريع، ثم أنزلونا بالقرب من الشاطئ في برج البرلس في حوالي الساعة الثانية صباحاً. وسرْنا على الأقدام 45 دقيقة للوصول إلى الشاطئ. وحال اقترابنا، خرج علينا نحو خمسة جنود من الجانب الأيمن وصرخوا بنا “توقفوا وإلا سنطلق النار عليكم” فتوقفنا وانبطحنا على الأرض ولكن الجنود أطلقوا النار في الهواء وباتجاهنا عدة مرات. وقد ركض بعض الأشخاص ولاذوا بالفرار”.
وأضاف “عندما توقف إطلاق النار، سمعتُ ابنتي صفاء، وعمرها ثماني سنوات وهي تصرخ “قلبي، قلبي”. لم أعرف ما كان يحدث، فنزعتُ سترة النجاة التي كانتترتديها، اكتشفتُ أنها أصُيبت برصاصة في بطنها دخلت من الجهة اليمنى وخرجت من الجهة الأخرى. صرختُ وتوسلتُ إلى الجنود كي يُحضروا سيارة إسعاف لنجدة ابنتي، ولكن الجنود لم يفعلوا، وظلت صفاء تنزف. لكنهم طلبوا عبر الراديو من ضباط في الجيش الحضور إلى المكان. لقد توسلتُ إلى الجنود م رة تلو أخرى، ولكن بدلاً من طلب الإسعاف قام أحدهم بركلي”.
واستطرد “وقفتْ زوجتي وصرختْ في وجه الجنود طالبةَ النجدة واستدعاء الإسعاف. فأشهر أحدهم بندقيته في وجهها، وأمرها بالجلوس على الأرض وشرع بإطلاق النار في الهواء كي يخيفنا. أصُيبتْ طفلتي البالغة من العمر سنتين بالهلع وبدأت بالبكاء والارتعاش بسبب صوتإطلاق النار. واستمر الجنود بشتمنا وإهانة الأطفال والنساء باستخدام كلمة عاهرات”.
واصل الأب الصراع طالبا النجدة، فاقترب أحد الجنود وركل ابنته بقدمه لمعرفة ما إذا كانت على قيد الحياة أم لا. وظل يركلها حتى وهي تحتضر.
وفي الساعة الخامسة والنصف صباحاً وصل ضباط الجيش ونقلوا الأب مع ابنته وشخصين آخرين جريحين في سيارة إلى المستشفى في بلطيم، حيث فارقت الطفلة الحياة.
احتجز الأب لمدة 11 يوماً في مركز شرطة برج البرلس، إلى جانب 48 شخصاً آخر، من بينهم ما لا يقل عن 15 طفلاً تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر و 18 سنة. وبعد ثلاثة أيام من الاعتقال، استجوبه النائب العام بشأن الهجرة غير الشرعية. ثم أمر بإطلاق سراحه مع الآخرين، ولكنه بقي في الحجز لمدة ثمانية أيام أخرى بانتظار الحصول على شهادة “غير مطلوب” من قطاع الأمن الوطني في وزارة الداخلية. وفي مساء 17 أغسطس/آب أطُلق سراحه مع معتقلين سوريين آخرين.
يختتم الأب حديثه قائلا “زوجتي الآن إما باكية أو نائمة طوال الوقت. فقد أصُيبتْ بصدمة ولا تستطيع مواجهة الواقع بأنها فقدت طفلتها. ولا أستطيع أن أنزع من مخيلتي صورة ابنتي وهي تحتضر بين يديَّ ، بينما تركها الجنود وهي تنزف لمدة ثلاث ساعات بدون إحضار سيارة إسعاف. إنني لن أنسى ذلك المشهد. وأما أطفالي فإنهم يرتعشون عندما يرون جنود اً. وتبدأ ابنتي البالغة من العمر سنتين بالصراخ والارتعاش عندما ترى جندي اً، فهي لا تستطيع نسيان الحادثة، وقد أصيبت بصدمة كذلك. ولا يريد أطفالي الذهاب إلى المدرسة. لا يمكنني وصف مشاعرنا. إنني الآن لا أريد من هذا العالم إلا شيئاً واحدا : الخروج من هذا البلد، فالحياة هنا لا تُطاق”.
ودعت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية إلى إجراء تحقيق عاجل وواف ومستقل ومحايد من قبل محكمة مدنية في حادث مقتل الطفلة صفاء، وتقديم المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية إلى ساحة العدالة، وإعلان نتائج التحقيق على الملأ.