بعد أحداث محمد محمود، أنتج المذيع “باسم يوسف” فيديو كليب بعنوان “اثبت مكانك” يهدف إلى تثبيت الثوار ورفع روحهم المعنوية. وظهر في الكليب مع عدد من الشخصيات، وهم “دينا عبد الرحمن، وريم ماجد”، بالإضافة بالطبع إلى باسم يوسف نفسه.
مثل هؤلاء الثلاثة، بالإضافة إلى “محمود سعد” و”إبراهيم عيسى” و”يوسف الحسيني” و”يسري فودة” و”ليليان داوود” مجموعة اعتبرها البعض تمثل “إعلام الثورة” أي أنهم يمثلون ثورة يناير في الإعلام المصري ويحملون مطالبها. سنتحدث هنا عنهم واحدا تلو الآخر.
يسري فودة
أحد رواد “المقدمات النارية” التي يقولها في بداية حلقته، كانت أشهرها تلك التي قام بها أثناء أحداث مجلس الوزراء، ونال بها شعبية واسعة وسط الشباب.
قام فودة بعمل حلقات مطولة في عهد مرسي للهجوم عليه، وقال عقب أحداث الاتحادية لمرسي: اليوم أعلن استقالتي من حبك يا سيادة الرئيس، فبدون ذلك لن أستطيع أن أحتفظ باحترامي لنفسي. وقال إن جماعة الإخوان أطلقت رصاصة الرحمة على افتراض حُسن النية.
هتف فودة كثيرا في برنامجه “طول ما الدم المصري رخيص، يسقط يسقط أي رئيس”. وكتب على صفحته الشخصية “اللهم بلغنا الثلاثين من يونيو” وهو ما أثار الجدل حول معرفته باستعدادات مسبقة يتم التحضير لها لاستغلال المظاهرات لعزل مرسي، لكنه نفى ذلك وسخر من هذه الأقاويل. وقال إنه كان ينتظر إجازة عمل.
وجدنا فودة يهدأ تدريجيا بعد الانقلاب، ولم يعلن استقالته من حب السيسي بعد المجازر المتعددة، بل لم يعلن موقفا واضحا أصلا، وصمت تماما عن كل ما حدث، وعندما تكلم فإنه تناول على استحياء بعض الانتهاكات بحق المعتقلين والقبض على عدد من “الثوريين” فقط.
حتى إنه في إحدى مقدماته “النارية” يهلل لمشروع قناة السويس الجديدة قائلا “أخيراً، انطلاق مشروع قومي ضخم كانت مصر في انتظاره لسنوات طويلة. و”هذه دعوة إلى التفاؤل ولكننا نتمناه تفاؤلاً قائماً على قدمين ثابتتين”.
اكتفى فودة بمهاجمة الإعلام الموالي للسلطة وتحريضه فقط، وصار يكتفي بنعي حال الإعلام المصري وبؤس الإعلاميين والهجوم عليهم وعلى مواقفهم، أما موقفه من السلطة التي يدعمها هؤلاء الإعلاميون فلم يستدل أحد على موقف واضح حتى الآن.
بل إنه تجاوز ذلك وأطلق تصريحا مطابقا لما قالته زميلته ريم ماجد (سنتناوله في وقته) في حوار مع الشروق في نوفمبر 2013، قائلا عن السيسي: أنه إنسان مهني وطني، ولديه القدرة على رؤية عميقة للمجال الذي يعمل به، وأن من حقه الترشح للرئاسة.
لم يعتبر فودة إذن أن السيسي “أطلق رصاصة الرحمة على افتراض حسن النية” بعد المجازر التي حدثت، مثلما قالها على الإخوان قبل ذلك، وما يزال يعتبره إنسانا وطنيا مهنيا ويمدح في قدراته.
وقام فودة بالتحريض على وسائل إعلام أخرى زميلة، فقط لأنها تقول كلاما مختلفا عما يريده السيسي، واستخدم أدواته الاستقصائية ليصل إلى “حقيقة” المؤامرة الإخوانية القطرية التركية لزعزعة استقرار المنطقة، عن طريق “التلفزيون العربي”، وفقا لما قاله في إحدى مقدماته “النارية”. ووصف تحريض السيسي عليها في إحدى لقاءاته مع الإعلاميين بأنها “خطوة متقدمة على طريق المواجهة. لكنه بعد ذلك يقول كلاما عن الإعلام المصري في الداخل وأنه لا يقل عن هذه المنابر سوءا.
تحول الإعلام إذن إلى وسيلة يقول فيها فودة بعض ما يريد قوله دون تجاوز ذلك إلى مهاجمة من يقومون بتشغيل وإدارة ذلك الإعلام في محاولة لإرضاء جميع الأطراف.
وعن فض رابعة، قال فودة كلمات منمقة في مقدمة أخرى” نارية” حاول بها توزيع المسئولية على الجميع على طريقة: كلنا فاسدون. وتحجج بغموض ما حدث في هذا اليوم “لا نعرفه عن ذلك اليوم يبدو أكثر مما نعرفه” وأن الاعتراض على الانقلاب “تحريض باسم الشرعية” وأن “ثورة مصر الحقيقيةُ ضحيةٌ أولى بين تجار الدين وتجار الوطن” وهي طريقة يحاول بها فودة أن يخرج نفسه من الموضوع ويتنصل من اتخاذ موقف حقيقي ويمسك العصا من المنتصف مهاجما الطرفين ومحملا إياهم نفس القدر من المسئولية. لكنه عند مناقشة الموضوع في الحلقة لم يأخذ هذا الموقف الوسط إطلاقا، بل استضاف “عبد الله السناوي” و”عمار علي حسن” والاثنان من مؤيدي السيسي المتحمسين. ولا كلمة أخرى من الطرف الآخر أو محاولة للوصول إلى وجهة نظر مخالفة.
نفس الأمر تكرر بعد مجزرة الحرس الجمهوري: نعي الشهداء من الطرفين رغم أن الجيش لم يسقط له أي قتيل من الجيش في هذه الأحداث، وتوزيع المسئولية والتعميم والتورية، مع استضافة مؤيدي الانقلاب فقط للحديث.
أعلن فودة الرحيل عن أون تي في، واكتفي باستمرار انتقاده لوسائل الإعلام، وعندما سأله أحد حضور حفل توقيع كتابه “في طريق الأذى” هل الدم المصري لا زال رخيصا، ردد فودة هتافه القديم “طول ما الدم المصري رخيص” لكن كان الحضور في الحفل لا يتجاوز العشرات، عكس الآلاف الذين كانوا يسمعون نفس الهتاف في زمن مرسي. في الوقت الذي حضر فيه حفل التوقيع عدد من رموز عهد الانقلاب، منهم “زياد بهاء الدين” نائب رئيس الوزراء وأحد المسئولين الأساسيين عن اتخاذ قرار فض اعتصامي رابعة والنهضة، و”نبيل فهمي” وزير الخارجية السابق، الذي كانت مهمته الدفاع عن الانقلاب وغسل دماء الضحايا على المستوى الدولي، و”عبد الله السناوي” أحد كبار مؤيدي السيسي.
ريم ماجد
لها مواقف محترمة كثيرة، لكنها انجرت مع موجة المطالبين بالانقلاب العسكري قبل حدوثه، ولم تكتف بهذا، بل ظهرت في يوم الانقلاب لتقول بالنص: يسعد مساكم وبلدنا النهاردة بوش سمح وقلبها يساع الكل يسعد مساكم وبلدنا النهاردة بتحط نقطة في أخر صفحة كانت بلون الكوبية وأسود من قرن الخروب علشان تحط نفسها من هنا ورايح في أجمل جملة مفيدة.
قبل الانقلاب تورطت ريم ماجد في تحريض لا أصل له بخصوص قتل “حسن شحاتة” إمام الشيعة المصريين، واعتبرت أن مؤتمر “نصرة سوريا” الذي تم تنظيمه قبلها بأيام كان تحريضا على الشيعة. وأصرت على أن مرسي مسئول عن الحادث وأن دماء الضحايا في رقبته وأنه مجرم.
وقبل 30 يونيو بأسبوع اكتشفت ريم ماجد اكتشافا جديدا، وهو أن مرسي ليس منتخبا بالمعنى الصحيح، بالتالي يصبح فاقدا للشرعية ويمكن خلعه، وأن الديمقراطية يمكن أن تأتي بديكتاتور “مرسي طبعا”.
وقعت ريم ماجد فيما وقع فيه كثيرون، كانوا في غاية الشراسة و”الثورية” في عهد مرسي، لكنهم تحولوا إلى الحديث الناعم في عهد الانقلاب، ووجدناهم يتحلون فجأة بالهدوء والعقلانية والواقعية وهم يتحدثون عن جرائم ما بعد الانقلاب التي هي أضعاف ما كانوا يلومون مرسي عليه.
في حوار مع جريدة “الشروق” في ديسمبر 2013 تدعو ريم السيسي إلى الترشح لانتخابات الرئاسة وتتمنى له النجاح، وعندما تساءل القراء عن مغزى الحديث، انبرى كثيرون لشرح الدعوة وقالوا إنها دعوة ذكية وسياسية من ريم للسيسي ليتحمل مسئوليته حتى يستطيع الشعب أن يحاسبه ويكشفه.
لماذا تحلت الإعلامية “الثورية” بالواقعية هذه المرة وباتت تطلق تصريحات سياسية بحتة، فمن المفترض أن “إعلامي الثورة” هو بمثابة صوت الضمير، الذي لا يقبل بأنصاف حلول ولا بمساومات أو تسويف، وهو ما نجحت ريم وغيرها في لعبه بجدارة حتى إسقاط مرسي، لكن لماذا ارتدوا ثوب السياسة والكياسة والحكمة؟ لماذا لم يرتدوها من قبل؟ وكما قال أحدهم: كان من الأولى إذا كان الأمر متعلقًا بإجرائية الانتخابات وبدلاً من تأييد 30 يونيو أن تدعو لانتظار الانتخابات البرلمانية التي كانت على الأبواب لكي يكشف الشعب الإخوان أيضًا ويظهر حجم شعبيتهم الحقيقي في هذه اللحظة.
تستنكر ريم ماجد في حوار مع موقع التلفزيون الألماني في يونيو 2015 فكرة أن حرية الإعلام في عهد مرسي كانت أكبر، وترى أن هذا ليس حقيقيا، لأن لا أحد يمنح الحرية، وتضرب مثلًا بما سمته “حصار مدينة الإنتاج الإعلامي” في عهد مرسي، من قبل أنصار المرشح الرئاسي السابق “حازم صلاح أبو إسماعيل”.
ويبدو أن ريم تعاني من مشكلة في المصطلحات، فما حدث أمام مدينة الإنتاج الإعلامي هو “اعتصام” وليس حصارا بأي حال من الأحوال، لأن الحصار معناه منع دخول وخروج أي شخص من المدينة، وهو ما لم يحدث قطعا، بل كان المذيعون والعاملون يذهبون ويعودون بكل أريحية، بل ذهب أحدهم “يوسف الحسيني” إليهم وتحاور معهم وصلى معهم، فأين كان هذا الحصار يا ترى؟
دينا عبد الرحمن
على نفس المنوال سارت “دينا عبد الرحمن” التي ظهرت بعد إعلان عزل مرسي لتغني: وقف الخلق ينظرون جميعا كيف أبني قواعد المجد وحدي. وقالت إن مصر عادت بالسلامة.
لم تتخل دينا من تأييدها للانقلاب حتى بعد مجازره، واستمرت في أداءها للدفاع عنه وتبرير كل ما يقوم به، وقالت في ديسمبر 2013 إن الإخوان يتاجرون بالدم، وأنهم لا يتوقفون عن إثارة “الحرائق والبلبلة” داخل الوطن خاصة في الجامعات. وأن هدفهم إسالة المزيد من الدماء لتصوير الأمر وكأن هناك “سلطة عسكرية غاشمة تواجه نشاطا طلابيا متصاعدا رافضا للأحوال”.
وبعد وفاة طالب بجامعة القاهرة، اتهمت دينا الإخوان بالمسئولية عن مقتله، وأن “عنفهم” هو ما أدى لما حدث.
محمود سعد
أحد من أيدوا ثورة يناير، وامتنع في ذلك الوقت عن تقديم برنامجه “البيت بيتك” على شاشة التلفزيون المصري. أيد مرسي في جولة الإعادة، وتحول مع الوقت إلى معارض له.
لكن سعد تحول إلى نجم المقارنات، بين ما كان يقوله في عهد مرسي، وحديثه في نفس الموضوعات في عهد السيسي.
“شاهد موقف محمود سعد من (…) أيام مرسي وأيام السيسي” هي أبرز عناوين الفيديوهات التي توثق تحولات محمود سعد، من الهجوم الشرس إلى التبرير الكامل للنظام، ودعوة المواطنين لتحمل الأزمات المعيشية، وهي قضايا عديدة مثل: انقطاع الكهرباء- ارتفاع الأسعار- قانون التظاهر- قتل المتظاهرين، وغيرها الكثير.
يعلق محمود سعد على ارتفاع الأسعار خلال عهد مرسي قائلا إن التراجع الذي أصاب مصر خلال حكمه فاق التراجع الذي حدث خلال 30 عاما. أما في عهد السيسي فيدعو المواطنين إلى الاستغناء عن السلع التي يرونها غالية، وشراء المأكولات “الرخيصة”.
وهذا رأيه في قانون التظاهر في عهد مرسي وعهد السيسي.
احتار كثيرون في تفسير تحول محمود سعد، حتى علم الجميع من تسريبات مكتب السيسي، أن الرجل “محب ومؤيد” حسب التعبير الذي قاله الرجل للواء عباس كامل ونقله للعقيد أحمد علي في التسريب.
وفي العديد من الحلقات يدعو سعد إلى قتل الإخوان، وفي أحيان أخرى يعتبر قتلهم أمر عادي وطبيعي.
ليليان داوود
أما عن “ليليان داوود” فقد نالت تضامنا واسعا بعد هجوم مدير تحرير جريدة الوطن “محمود الكردوسي” عليها في مقال بعنوان “الغازية لازم ترحل” بعد إعلان تضامنها مع الناشط السياسي علاء عبد الفتاح.
تناسي المتضامنون دعم ليليان للانقلاب ودعوتها له منذ فترة طويلة، بالإضافة إلى صمتها عن المذابح التي ترتكب بعد الانقلاب، لكن اللافت أن المذيعة “الثورية” تركت كل ما يجري في مصر من مجازر واعتقالات وقامت بعمل حلقة كاملة عن انتهاكات حقوق الإنسان.. في قطر! والمفارقة أن هذه الحلقة كانت بعد أيام معدودة من سقوط أكثر من 100 قتيل أثناء مظاهرات إحياء ذكرى ثورة يناير عام 2014.
بعد الانقلاب العسكري، وتأييد ليليان له، رأت أن احتجاجات أنصار الرئيس المعزول ما هي إلا “معركة أخيرة للإخوان في وجه الشعب” أي أن الإخوان في جهة، والشعب كله في الجهة الأخرى وفقا لها.
وفي موقف ينم عن وعي سياسي و”ثوري” تعتبر ليليان أن هناك ضغوطا أمريكية على الجيش والسيسي لإعادة مرسي إلى الحكم، وأن هناك حملة غربية تصف ما حدث بالانقلاب.
ضيوف برنامج ليليان لا يختلفون كثيرا عن ضيوف باقي أذرع الإعلام المصري الأخرى، فهم في الغالبية الساحقة مسئولون رسميون يقدمون وجهة نظر النظام فقط، أو مؤيدون للسيسي، حتى تقارير البرنامج تحمل وجهة نظر النظام ورؤية باقي الأذرع الإعلامية بالضبط، ولنر أحد هذه التقارير الذي يتحدث عن زيارة السيسي إلى نيويورك.
عندما قررت ليليان أن تناقش شيئا بخصوص مجازر ما بعد الانقلاب، قررت استضافة “ناصر أمين” عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، ليدافع عن تقرير المجلس بشأن فض اعتصام رابعة العدوية، الذي حمل المعتصمين مسئولية الدماء التي سالت، ولم تحاول ليليان عرض وجهة نظر أخرى.
ماذا عن الحراك الطلابي؟ هل ستقوم ليليان بدعمه أو الحديث عن وفيات الطلاب أو المعتقلين منهم؟ لم يحدث شيء من هذا، بل بالعكس، قالت ليليان إن الطلاب المتظاهرين “إخوان” فقط يريدون عودة مرسي، وأنهم يقومون بالاعتداء على الطلاب الآخرين والأساتذة والعمال، وتقتصر جميع المداخلات في هذا الشأن على مسئولي الكليات والجامعات الرسميين، دون وجود ممثل للطلاب.
وفي مرة أخرى، ركزت ليليان على أن قوات الأمن دخلت إلى حرم الجامعة بعد الحصول على إذن من النيابة، لمواجهة ما وصفته ب “التصعيد الخطير” من قبل “طلاب الإخوان”. الذين قاموا وفقا لها باقتحام مبنى رئاسة الجامعة، وتحطيم المكاتب، وإلقاء جميع محتويات المبنى من النوافذ، وأطلقوا الخرطوش على أفراد الأمن الإداري بالجامعة وفي الهواء، مما أدى لوقوع عدد من الإصابات.
وتختتم ليليان كلامها بالسؤال التالي: “السؤال الذي بتنا نطرحه كل يوم، لماذا يصر الإخوان على تعطيل الدراسة بالجامعات؟ وكيف ستتصرف الحكومة لوضع حد لهذه الاحتجاجات التي وصلت إلى حد احتجاز رئيس الجامعة؟” وبعدها قامت بمداخلة تليفونية مع مسئول في المركز الإعلامي لجامعة الأزهر لتحرض على تواجد قوات الأمن بشكل دائم داخل الحرم الجامعي، حيث سألت بكل براءة: هل بات دخول قوات الأمن أمرا حتميا لا مفر منه لوضع حد لهذه التجاوزات والاعتداءات المتتالية بشكل يومي؟
لكن ماذا عن موقف ليليان مما حدث في 30 يونيو بعد عامين من الأحداث؟ هل اتضحت لها الحقيقة مثل الكثيرين وتراجعت عن دعمها لما حدث؟ هل عرفت أنها لم تكن ثورة وإنما انقلاب عسكري مثلما يراه العالم أجمع؟
الإجابة في كلمة ألقتها ليليان في ندوة ثقافية في مارس الماضي، “الشعب خرج بالملايين إبان ثورة 30 يونيو، ليس من أجل النظام السياسي، وإنما هي أبعد من ذلك بكثير، عندما أستشعر الجميع بأن هنالك ضربا لقيم وأساسيات المجتمع المصري”.
وقبل هذه الندوة بأسابيع، وأثناء الهجوم الذي تعرضت له بعد إعلانها التضامن مع علاء عبد الفتاح، أعلنت ليليان بوضوح أنها تؤيد “ثورتي 25 يناير و30 يونيو” في حوار مع جريدة الشروق.
وعن رأيها في السيسي: ترى في حوار مع جريدة البديل، أن هناك “محاولات جادة ونوايا صافية” منه خلال أداءه بعد 9 أشهر من حكمه.
بكت ليليان من الفرحة يوم عزل مرسي، وغنت أغنية شادية “يا حبيبتي يا مصر” واعتبرت أنها المرة الثانية التي تكون فيها على الهواء لإعلان سقوط ديكتاتور عربي بعد مبارك.
لكنها أعلنت بعد ذلك تأييدها للسيسي “طبعا ليس ديكتاتورا مثل مرسي الفاشي” في الانتخابات الرئاسية. وتعلن على حسابها على تويتر ضرورة استمرار محاربة الإخوان لأنهم “باعوا الثورة”.
باسم يوسف
يعرف الجميع بداية باسم يوسف على موقع “يوتيوب” ثم ظهوره على قناة “أون تي في” في برنامج “البرنامج”.
في ذلك الوقت أنتج باسم حلقات تدافع عن الثورة، وتهاجم من يعتبرها مؤامرة، وفي نفس الوقت كان حريصا على الوقوف على مسافة واحدة من جميع التيارات، وقام باستضافة أعضاء جميع التيارات، الإسلامية والقومية والليبرالية واليسارية.
بعد تولي مرسي منصب الرئيس، انتقل باسم إلى قناة “سي بي سي” معترفا في الحلقة الأولى من البرنامج في موسمه الجديد أنها قناة “فلول”. لكنه رغم ذلك استمر في تقديم برنامجه دون أي اعتراض، وقام بما يشبه “التطبيع” مع مذيعي القناة المعروفين بعداءهم لثورة يناير (لميس الحديدي- خيري رمضان) ورحب بالأولى في حلقة من برنامجه، وظهر ضيفا في برنامجها في أكثر من حلقة.
لباسم أسلوب معين، وهو انتقاد مالك المحطة في أول حلقة من كل موسم من البرنامج، لإثبات مصداقيته واستقلاليته وعدم خضوعه للمواءمات، وهو ما قام بفعله مع “نجيب ساويرس” في أون تي في، و”محمد الأمين” على قناة “سي بي سي”، وسخر من مدير محطة “إم بي سي مصر” في أول حلقة له هناك. لكنه لا يتحدث عنهم بعد ذلك بحرف واحد في أي حلقة من حلقات البرنامج، حتى لو قام مالك المحطة بفعل أو قال تصريحا يستدعي التعليق، وإذا سأله أحد لماذا لا يقوم بانتقاد مالك المحطة، يحيله باسم إلى الحلقة الأولى من البرنامج وكأن ذلك كافيا لعدم الحديث عنهم مرة أخرى.
وقع باسم في فخ الشائعات الإعلامية عن بيع قناة السويس وماسبيرو لقطر وسيناء للفلسطينيين، وحلايب وشلاتين للسودان في عهد مرسي، وهي الشائعات التي ملأت الإعلام المصري وأصروا على صحتها رغم نفيها المتواصل. وقام بعمل أوبريت بعنوان “قطري حبيبي”. كما ظهرت الشتائم الصريحة التي كان يقولها باسم ويتم الاكتفاء بإغلاق الصوت في جزء منها، وترك الجزء الآخر ليفهم المشاهدون ماذا كان يريد باسم القول، كما ظهرت الإيحاءات الجنسية بشكل واضح في البرنامج رغم أنها كانت نادرة في الموسم الأول، عكس ما كان يقوله باسم من أنها ضرورية لانتزاع الضحكات من الجمهور.
ويعتبر أنصار مرسي أن برنامج باسم كان أحد أسباب إسقاط مرسي، عن طريق نزع هيبته والسخرية الدائمة منه ومن أنصاره والقنوات والشيوخ الداعمين له في كل حلقة.
في الخامس من يوليو، بعد الانقلاب بيومين، وقبل مجزرة الحرس الجمهوري، وقعت أعداد من القتلى أمام مقر نادي الحرس الجمهوري عندما توجهت أول مظاهرة مؤيدة لمرسي إلى هناك، بالإضافة إلى أكثر من 20 قتيلا في منطقة “سيدي جابر” بالإسكندرية. يومها شارك باسم يوسف في هاشتاج بعنوان “ليس انقلاباnot a coup” وقال في تغريدة باللغة الإنجليزية، إن قيادات جماعة الإخوان يرسلون شبابهم ليموتوا أمام مقرات الجيش للتضحية بهم أمام العالم، وأن الدم الذي يراق في هذه الحالة هدفه الدعاية.
وعقب فض رابعة بيومين، كان تعليق باسم الوحيد هو “اللهم احفظ مصر والمصريين”.
بعد ذلك تنوعت تعليقات باسم على حسابه الشخصي على موقع “تويتر” وفي مقالاته بجريدة “الشروق”.
زعم باسم في مقال “خواطر شريرة لعقل بريء” في 23 يوليو 2013 أن المعتصمين في ميدان رابعة هللوا لخبر توجه سفينتين حربيتين إلى الشواطئ المصرية، وأنهم هتفوا “يا أمريكا حررينا” ولم يبذل باسم أي مجهود ليتأكد من حقيقة هذه الأكذوبة التي استعملت على نطاق واسع لاتهام المعتصمين بالخيانة والولاء لأمريكا.
ويتهم باسم الإخوان بتعمد أداء الصلاة في رمسيس حتى تأتي الشرطة وتقوم بتفريقهم لكسب التعاطف، لكنه لم يفسر لنا مقتل 7 أشخاص في هذه الأحداث، وهل هؤلاء الأشخاص سيضحون بحياتهم لمجرد كسب التعاطف، وهل هم المسئولين عن موت أنفسهم أم لا.
وفي مقال “جماعة شرارة” في 6 أغسطس 2013، يكرر باسم اتهامه للجماعة بالمتاجرة بالدم والتهليل مع كل مجزرة تحدث في صفوفهم. ويذكر الجماعة بموقفها السابق للعنف وقطع الطرق وتبنيهم له بعد عزل مرسي. لكنه في مقال آخر يقع في نفس التناقض الذي يقول إن الإخوان وقعوا فيه، عندما يقول إن قطع الطرق مخالف للإسلام، رغم ترحيبه السابق بنفس الفعل عندما كان في عهد مرسي.
وفي مقال “خراب وطن عند قوم فوائد” في 20 أغسطس 2013، أعرب باسم أكثر من مرة عن استياءه الشديد لأعداد القتلى والمعتقلين الذين يسقطون منذ عزل مرسي، لكن السبب الرئيسي لذلك الاستياء ليس حرصه على حياة هؤلاء لا سمح الله، وإنما لأن هذه الانتهاكات “ستعيد التعاطف مرة أخرى مع الإخوان”، بالإضافة إلى “تشويه صورة مصر في الخارج”. كما اعتبر أن خراب الوطن سيستفيد منه الإخوان لأنهم سيعتبرون ذلك نصرا من الله.
وعند الحديث عن عودة برنامجه مرة أخرى، قال باسم على “تويتر” إنه يتمنى ممن في السلطة أن يتألقوا “مثل مرسي” لتسهيل مهمته في السخرية منهم في برنامجه، لكنه أكد أن الوصول لمستوى “فضائح مرسي” صعب على أي شخص. (كانت هذه التغريدة بتاريخ 6 أغسطس بعد الحرس الجمهوري والمنصة وقتلى آخرين سقطوا في أماكن متفرقة).
يثير هذا التعليق أسئلة حول تعريف “الفضيحة” من وجهة نظر باسم، وهو لم يترك المتابعين في حيرتهم، بل حدد أمثلة من هذه الفضائح في تغريدة تالية: “أوعدكم لو السيسي قال درنك و درايفينج ولو البرادعي حبرش أكيد حييجوا في البرنامج. قلت لكم التحدي صعب”.
يعتبر باسم إذن أن قول بعض الكلمات باللغة الإنجليزية بطريقة مضحكة، والحديث عن الحارة المزنوقة “فضيحة” أما القتل والاعتقال فإنه لا يرتقي إلى هذا المستوى للحديث عنها في برنامجه.
الغريب أن هذه “الفضائح” أنكرها باسم نفسه في عهد مرسي، عندما استنكر سخرية البعض من مستوي مرسي في اللغة الإنجليزية، وقال إن إنجليزيته جيدة جدا، وأنه كان يداعب من كان يتحدث إليهم بخلط الإنجليزية بالعربية، ولذلك عرض المقطع في برنامجه، ووصف بعض التعليقات على هذا الأمر بأنها عنصرية ومتعالية ويجب ألا ينجر أحد لها. لكنه انجر هو شخصيا لها بعد الانقلاب واعتبرها “فضيحة”.
كانت الحلقة الأولى التي ظهر فيها باسم بعد الانقلاب هي القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لعلاقته مع معارضي الانقلاب، خاصة أنهم كانوا ينتظرون الحلقة ليروا ماذا سيقول باسم بعد مقتل المئات منهم واعتقال الآلاف، وهي جرائم لا تقارن بأي ملاحظات أو سلبيات خاصة بحكم مرسي كان باسم يستغلها لتوجيه انتقادات لاذعة جدا له ولأنصاره.
الكثير من المعارضين يروي كيف أصابته هذه الحلقة بالذات بالحزن والبكاء الشديد، فلم تكن مجزرة فض رابعة قد مر عليها أكثر من شهرين، بل كان عدد من الجرحى مازالوا يموتون جراء إصابتهم في يوم الفض. وركز المعارضون انتقادهم على أغنية “بعد الثورة جالنا رئيس” التي قال فيها باسم: والسيسي طلع بيان، قرر يفشخ الإخوان” وأيضا “والسيسي لعبها صح، والإخوان ابتدوا بالدح”. تحمل الأغنية مدحا لما قام به السيسي، وتحميل الإخوان المسئولية عما حدث لأنهم كانوا البادئين.
لم تشفع لباسم انتقاداته بعد ذلك لسياسات السيسي في برنامجه أو مقالاته أو تصريحاته بعد ذلك، وبقيت هذه الحلقة-الأغنية دائما حاجزا بين باسم ومعارضي الانقلاب.
أسباب أخرى يعددها معارضو باسم تجعلهم يكرهونه، وهي تقبله لوقف برنامجه في هدوء لا يناسب الصخب والضجيج الذي مارسه في عهد مرسي فقط عندما تم استدعاءه فقط لمكتب النائب العام. وحتى بعد مغادرته مصر واستقراره في الولايات المتحدة، لم يستغل شهرته الدولية في فضح انتهاكات حقوق الإنسان من قبل النظام.
توفي والد باسم وهو متواجد في الخارج لا يستطيع العودة لتشييع جنازته واستقبال العزاء فيه. مصير اشترك فيه مع معارضي الانقلاب الذي كان يرفض الاعتراف به في بداية الأمر.
بثينة كامل
ظهرت “بثينة كامل” بعد ثورة يناير، باعتبارها إحدى الوجوه الإعلامية الثائرة في التلفزيون الرسمي للدولة، والتي تعرضت للاضطهاد والاستبعاد بسبب مواقفها “الثورية”. وطالما تحدثت عن ضرورة تطهير الإعلام من فلول النظام القديم.هاجمت بثينة المجلس العسكري بشراسة بعد الثورة، واتهمته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، كما كتبت: “يسقط جيش مبارك العميل” و”يسقط حكم العسكر”.لكنها مع تأييدها للانقلاب أعربت عن غضبها من مجرد إطلاق كلمة “عسكر” على الجيش المصري، وأكدت أنهم “خير أجناد الأرض”.
حاولت بثينة ترشيح نفسها لانتخابات الرئاسة عام 2012، إلا أنها لم تنجح في جمع أعداد التوكيلات المطلوبة، وكتبت وقتها قبل جولة الإعادة أن معلوماتها تؤكد أن الإخوان اتفقوا مع شفيق على أن يصبح رئيسا.
وتكتب بثينة على حسابها الشخصي على موقع تويتر تصف جماعة الإخوان بأنها “إخوان صهيون”. وأيدت كل المجازر بحق معارضي الانقلاب، ودعت بعد مجزرة فض رابعة والنهضة إلى كتابة رسائل بكافة اللغات إلى العالم تفيد بأن ما يحدث “المجزرة” شأن داخلي مصر، وأن شعب مصر فوض الجيش والشرطة بالقضاء على جماعة الإخوان “الإرهابية”، وهو وصف سبق إعلان الحكومة المصرية نفسها للجماعة على أنها إرهابية.
وطالبت بثينة بإغلاق المساجد ومنع الإخوان بأي وسيلة من الخروج في مظاهرات للاعتراض على عزل مرسي وفض رابعة.
كما دعت الإعلامية الثورية أيضا إلى “مظاهرات إلكترونية” على مواقع وزارات الخارجية الأجنبية وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول بأن ما حدث “ثورة” وليس انقلاب
أما أغرب الآراء، فكانت اعتبارها أن ما حدث في 28 يناير 2011 مؤامرة إخوانية، رغم أنه أهم يوم من أيام الثورة والذي أدى بعد ذلك إلى تنحي مبارك، أي أن الثورة مؤامرة. وهكذا تتطور المواقف الثورية لتصل إلى الفلولية الكاملة.
هؤلاء من هم الإعلاميون الذين أُطلق على أحدهم يوما ما أنه “ثائرا”، والذين يتوهم بعض الثائرين اليوم أنهم ما زالوا بالفعل ثوارا، أن أولائك الذين باعوا الثورة وانقلبوا عليها أكثر من الانقلابيين أنفسهم كإبراهيم عيسى مثلا أويوسف الحسيني، فحدث ولا حرج، ولا يحتاج الأمر إلى كلام كثير لتوضيح المصير الذي انتهوا إليه في النهاية، وقانا الله وإياكم سوء الخاتمة.
كتبت هذه المقالة بموقع إضاءات بتاريخ 25/07/2015