العربي الجديدسياسةمصرمقالات العربي الجديد
السيسي التاريخي
جزم الذراع الإعلامي، عمرو أديب، أن أشياء سجلت باسم عبد الفتاح السيسي في التاريخ، وأشاد بحلول الأخير لمشكلات مصر، ووصفها بأنها “تاريخية”.
لا يحتاج الأمر عند أذرع السيسي ومؤيدي نظامه إلى شرح كثير لتوضيح ما سجل في التاريخ باسم زعيمهم، فتصنيف كل ما قاله الرجل، أو فعله تقريبا، “تاريخي”، فقد اعتبرت صحيفة أن يوم تنصيب السيسي “أهم يوم في تاريخ مصر الحديث”، ومنذ ذلك الوقت، أدخل السيسي مصر التاريخ من أوسع أبوابه. وكل خطاب له “تاريخي” يفيض بالحكمة ويقطر روعة، وكل مشروع يعلن عنه “تاريخي”، سيحقق نقلة حضارية للمصريين، وكل قرار “تاريخي”، وكل زيارات السيسي الخارجية “تاريخية”، تضع مصر في مصاف الدول العظمى.
وقد وصل التنافس بين الصحف المصرية في “تاريخية السيسي” إلى مرحلة جديدة، وتبارت كل وسيلة في ابتكار “تاريخية” معينة تنسبها له، فوصفت إحداها أحد أيام زيارة الأخير إلى نيويورك بأنه “يوم رئاسي تاريخي”. ورأى قائمون على إحدى الصحف أن زيارات السيسي ليست فقط تاريخية، بل إن زيارة أي مسؤول أجنبي لمصر، بالضرورة، تاريخية أيضا، وكل ما ينتج عنها تاريخي بالتبعية. ولذلك، وصفت، مثلاً، استقبال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في القاهرة بأنه “تاريخي”. ولم لا، أليس الرجل قادما للقاء السيسي، وهذا أبو التاريخ. لا بأس، إذن، أن يحصل على نصيبه من “التاريخية”، مكافأة له على زيارته.
في مقابل الخطاب والقرار والزيارة والمشروع التاريخيين، كان هناك تصنيف جديد يضاف للتاريخ، عندما عبر أحد طلاب كلية الشرطة عن فرحته الشديدة لاحتضان السيسي له، ووصف الحضن بأنه “تاريخي”. وعندما تقرأ ذلك، ستفكر كثيراً، محاولاً الوصول إلى تخيل شكل هذا الحضن، وما الذي يمكن أن يفعله شخص ما، لكي يحتضن شخصاً آخر حضناً “تاريخيا”. استمر تفكيري بالأمر، ولم أهتد إلى نتيجة منطقية. وفي النهاية، قلت لنفسي: لم لا؟ هل تستكثر على السيسي حضنا تاريخيا، وهو الزعيم الذي يقوم بكل الأفعال “التاريخية” الممكنة.
كان مرور العام الأول على تنصيب السيسي مناسبة للإعلاميين المصريين ليذكّروا الشعب بموسوعة السيسي التاريخية التي صنعها في هذا العام، وقال أحدهم (يوسف الحسيني) إن السيسي سيكون من القادة والزعماء الذين سيتحدث عنهم التاريخ في الصفحات المضيئة. وسبق أن أشاد بكلمة السيسي في المؤتمر الاقتصادي في مارس/آذار الماضي، مؤكدا أنه “يدير دفة التاريخ المصري في الاتجاه الدقيق”.
لم يتوقف كل هذا القدر من التاريخية عند مؤيدي السيسي الذي مازال مستمرا في عطائه التاريخي بلا حدود.
على الجانب الآخر، هناك مجالات كثيرة أخرى يستحق السيسي، فعلاً، أن يدخل بها التاريخ عن جدارة واستحقاق. منها أنه الرجل الذي قاد انقلابا “تاريخيا” على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، وقاد عدة مذابح “تاريخية” ضد معارضيه، أكبرها مذبحة “تاريخية” تعد الأكبر في تاريخ مصر المعاصر، وهي عملية فض اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة، وقد نجمت عنها أرقام “تاريخية” من القتلى والجرحى، وشهدت عمليات الاعتقال وانتهاكات حقوق الإنسان مستويات “تاريخية” غير مسبوقة، وصدرت آلاف الأحكام بالإعدام، حتى وصلت إلى أرقام “تاريخية” جعلت مصر تحتل المرتبة الأولى في عدد أحكام الإعدام، وهذا إنجاز “تاريخي” لم يسبق أن وصلت إليه مصر في تاريخيها، القديم والحديث.
وحقق الدولار الأميركي ارتفاعا قياسيا “تاريخيا” أمام الجنيه المصري الذي سجل تراجعا “تاريخيا”، وفقد قيمته بصورة غير مسبوقة. كما ارتفع الدين المحلي ليتجاوز ترليونين و16 مليار جنيه، للمرة الأولى في التاريخ، ووصل عجز الموازنة إلى أكثر من 500 مليار جنيه، بالإضافة إلى 45 مليارا أخرى، لا يعرف أحد إلى أين ذهبت، وسجلت في الموازنة تحت بند “مصاريف أخرى”، من دون توضيح طبيعتها.
إذن، سنضطر في هذا المجال أن نعلن اتفاقنا مع الإعلام المصري على “تاريخية” السيسي، وأنه فعل ما لم يفعله أحد، وأوصل البلاد إلى حالة غير مسبوقة. في كل الأحوال، استحق السيسي مكانه في التاريخ، ولو كانت التفاصيل التي قادتنا إلى هذه النتيجة مختلفة كليا عن تفاصيلهم المزيفة.
وقد وصل التنافس بين الصحف المصرية في “تاريخية السيسي” إلى مرحلة جديدة، وتبارت كل وسيلة في ابتكار “تاريخية” معينة تنسبها له، فوصفت إحداها أحد أيام زيارة الأخير إلى نيويورك بأنه “يوم رئاسي تاريخي”. ورأى قائمون على إحدى الصحف أن زيارات السيسي ليست فقط تاريخية، بل إن زيارة أي مسؤول أجنبي لمصر، بالضرورة، تاريخية أيضا، وكل ما ينتج عنها تاريخي بالتبعية. ولذلك، وصفت، مثلاً، استقبال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في القاهرة بأنه “تاريخي”. ولم لا، أليس الرجل قادما للقاء السيسي، وهذا أبو التاريخ. لا بأس، إذن، أن يحصل على نصيبه من “التاريخية”، مكافأة له على زيارته.
في مقابل الخطاب والقرار والزيارة والمشروع التاريخيين، كان هناك تصنيف جديد يضاف للتاريخ، عندما عبر أحد طلاب كلية الشرطة عن فرحته الشديدة لاحتضان السيسي له، ووصف الحضن بأنه “تاريخي”. وعندما تقرأ ذلك، ستفكر كثيراً، محاولاً الوصول إلى تخيل شكل هذا الحضن، وما الذي يمكن أن يفعله شخص ما، لكي يحتضن شخصاً آخر حضناً “تاريخيا”. استمر تفكيري بالأمر، ولم أهتد إلى نتيجة منطقية. وفي النهاية، قلت لنفسي: لم لا؟ هل تستكثر على السيسي حضنا تاريخيا، وهو الزعيم الذي يقوم بكل الأفعال “التاريخية” الممكنة.
كان مرور العام الأول على تنصيب السيسي مناسبة للإعلاميين المصريين ليذكّروا الشعب بموسوعة السيسي التاريخية التي صنعها في هذا العام، وقال أحدهم (يوسف الحسيني) إن السيسي سيكون من القادة والزعماء الذين سيتحدث عنهم التاريخ في الصفحات المضيئة. وسبق أن أشاد بكلمة السيسي في المؤتمر الاقتصادي في مارس/آذار الماضي، مؤكدا أنه “يدير دفة التاريخ المصري في الاتجاه الدقيق”.
لم يتوقف كل هذا القدر من التاريخية عند مؤيدي السيسي الذي مازال مستمرا في عطائه التاريخي بلا حدود.
على الجانب الآخر، هناك مجالات كثيرة أخرى يستحق السيسي، فعلاً، أن يدخل بها التاريخ عن جدارة واستحقاق. منها أنه الرجل الذي قاد انقلابا “تاريخيا” على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، وقاد عدة مذابح “تاريخية” ضد معارضيه، أكبرها مذبحة “تاريخية” تعد الأكبر في تاريخ مصر المعاصر، وهي عملية فض اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة، وقد نجمت عنها أرقام “تاريخية” من القتلى والجرحى، وشهدت عمليات الاعتقال وانتهاكات حقوق الإنسان مستويات “تاريخية” غير مسبوقة، وصدرت آلاف الأحكام بالإعدام، حتى وصلت إلى أرقام “تاريخية” جعلت مصر تحتل المرتبة الأولى في عدد أحكام الإعدام، وهذا إنجاز “تاريخي” لم يسبق أن وصلت إليه مصر في تاريخيها، القديم والحديث.
وحقق الدولار الأميركي ارتفاعا قياسيا “تاريخيا” أمام الجنيه المصري الذي سجل تراجعا “تاريخيا”، وفقد قيمته بصورة غير مسبوقة. كما ارتفع الدين المحلي ليتجاوز ترليونين و16 مليار جنيه، للمرة الأولى في التاريخ، ووصل عجز الموازنة إلى أكثر من 500 مليار جنيه، بالإضافة إلى 45 مليارا أخرى، لا يعرف أحد إلى أين ذهبت، وسجلت في الموازنة تحت بند “مصاريف أخرى”، من دون توضيح طبيعتها.
إذن، سنضطر في هذا المجال أن نعلن اتفاقنا مع الإعلام المصري على “تاريخية” السيسي، وأنه فعل ما لم يفعله أحد، وأوصل البلاد إلى حالة غير مسبوقة. في كل الأحوال، استحق السيسي مكانه في التاريخ، ولو كانت التفاصيل التي قادتنا إلى هذه النتيجة مختلفة كليا عن تفاصيلهم المزيفة.