اعتادت الصحف ووسائل الإعلام كل عام على إجراء لقاءات مع أوائل الثانوية العامة فور إعلان النتائج بشكل رسمي، إلا أن التغطية الإعلامية للحدث هذا العام كانت مختلفة.
لم ينج الإعلان عن أوائل الثانوية العامة من الاستقطاب السياسي الحاد الذي يعيشه المجتمع المصري، إذ حاول الصحفيون الحصول على تصريحات سياسية من الطلبة تدعم الموقف السياسي الذي تتخذه وسيلته الإعلامية التي يعمل بها، وهو أمر غير مسبوق ويثير تساؤلات حول الهدف منه.
ففي معسكر دعم النظام، قادت جريدتي “الوطن” و”اليوم السابع” حرب التصريحات السياسية المؤيدة للسيسي، ونشرت الأولي على لسان “جوسي عبد الملاك” السادسة مكرر على مستوي الجمهورية أن السيسي رجل وطني ومخلص وأنقذ مصر في الوقت المناسب قبل تدهور الاقتصاد وجميع قطاعات الدولة، دون أن يكون طامعًا في سلطة أو منصب أو جاه. وهو الحديث الذي نشرته الجريدة في مقدمة تقريرها باعتباره أهم ما جاء في حديثها[1]. ونشرت جريدة اليوم السابع أيضا تصريحات لنفس الطالبة، قالت فيها إن البلاد تسير في اتجاه صحيح، وأنها كانت تتمني أن يكون هناك رئيس يخاف على مصر، وهو ما تحقق بالفعل مع وصول السيسي لمنصب الرئاسة[2]. كما نشرت جريدة الوطن أيضا إهداء ماريانا عادل الحاصلة على المركز السادس مكرر على مستوى الجمهورية تفوقها إلى السيسي[3]. ولا نعرف ما هو الهوس الذي أصاب الإعلام المؤيد للسلطة من نشر مثل تلك التصريحات على لسان طلاب، بدلا من سؤالهم عن كيفية تحقيقهم للتفوق، كما لم يعرف لماذا الاهتمام بمن حصل على المركز السادس! بدلا من إبراز تصريحات من حصلوا على مراكز متقدمة أكثر.
أما في الجانب المضاد، معسكر معارضة النظام وتأييد الرئيس المعزول محمد مرسي، فقد أكدت صحفهم ومواقعهم وصفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أن معظم أوائل الثانوية العامة ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، ونشرت بوابة الحرية والعدالة تقريرا عن أوائل الثانوية العامة والأزهرية، أكدت فيه أن الطلاب المؤيدين للشرعية احتلوا المراكز الأولي، ونقلت على لسانهم أن فرحتهم لن تكتمل إلا بعودة الشرعية وإسقاط الانقلاب.[4]
لم يتوقف التراشق الإعلامي عند هذا الحد، وإنما اندلعت معركة إعلامية بين الجبهتين بسبب الطالبة “آلاء محمد مجاهد” الحاصلة على المركز الأول علي مستوي الجمهورية في شعبة “علمي رياضة”. بدأ السجال عندما نشرت صفحة “روائع ميديا للإعلام الهادف” على موقع “فيسبوك” مشاركة تؤكد إن الطالبة آلاء ابنة أحد شهداء فض ميدان رابعة العدوية. وأن الثلاثة الأوائل في شعبة العلمي رياضة والعلمي علوم والأدبي ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين. كما نشرت بوابة الحرية والعدالة على لسان الطالبة أنها تنتمي إلى أسرة معارضة للانقلاب، وأنهم يرفضون الظلم الذي يحدث في مصر حاليا[5]، نافية ما نشرته صفحة “روائع ميديا” حول كون والدها أحد شهداء فض رابعة، لأن والدها توفي قبل ثورة يناير. ما إن نشرت هذه المشاركة حتى سارعت جريدة “الوطن” لنفي الأمر، وحصلت على تصريحات من الأسرة تنفي انتماءها للإخوان[6]. كما نشرت جريدة “المصري اليوم” على لسان الطالبة وشقيقها أن الأسرة بالكامل لا علاقة لها بالسياسة[7]، وأنهم لا يدعمون أحدا. وبالفعل قامت الصفحة بحذف المشاركة.
إلا أن هذه الحالة لم تنف وجود طلاب وطالبات من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين ضمن أوائل الثانوية العامة، ومنهم الطالبة “أميمة عبد الغني” التي قالت في تصريحات للمركز الإعلامي لجماعة الإخوان ببورسعيد وبوابة الحرية والعدالة إن والدها معتقل منذ عدة أشهر، ورغم أن غياب والدها عنها أثر فيها وفى باقي أسرتها إلا أنه كان أيضًا محفزًا لها للتفوق حتى تهدي ذلك النجاح إلى أبيها المعتقل. وقالت إنها لم تتلقَ اتصالات تهنئة من المسؤولين لأنها تنتمي لأسرة إخوانية حسب قولها[8]. وقد حصل المعسكر “الثوري” علي نصيب من الجدل الإعلامي، بعد نشر صفحة حركة شباب السادس من أبريل مشاركة تؤكد أن أحد العشرة الأوائل ينتمي إلى الثورة، ولا يؤيد السيسي ولا مرسي.[9]
هذا التراشق جعل صحفيين وكتاب يدعون إلى التعقل وعدم التمييز بين الطلاب على أساس الانتماء السياسي، ومنهم الكاتب الصحفي “حمدي رزق” المؤيد للسلطة، الذي كتب مقالا انتقد فيه تصنيف الأوائل ما بين إخوان ومؤيد للسيسي، وحمل الصحفيين المسئولية بسبب إصرارهم على انتزاع تصريحات سياسية منهم[10]. لكن هذه الانتقادات ما زال صوتها خافتا في ظل أجواء إعلامية مشحونة.
[1] “السادسة على الثانوية العامة مكرر: السيسي رجل مخلص وأنقذ مصر”، الوطن، 15 يوليو/ تموز 2014.
https://www.elwatannews.com/news/details/520878
[2] “السادس مكرر بالمنيا: كان نفسي في رئيس قلبه على البلد وده اللى حصل”، اليوم السابع، 15 يوليو/ تموز 2014.
http://ow.ly/z9OTe
[3] “ماريانا السادس مكرر: أهديه لـ«السيسى، الوطن، 16 يوليو/ تموز 2014.
https://www.elwatannews.com/news/details/521373
[4] “رفض الظلم .. شعار أوائل الثانوية (ملف)”، بوابة الحرية والعدالة، 15 يوليو/ تموز 2014.
[5] “آلاء.. أولى مكرر لـ”الحرية والعدالة”: أتمنى أن يتوقف الظلم في مصر”، بوابة الحرية والعدالة، 15 يوليو/ تموز 2014.
[6] “الأوائل يكذّبون مواقع الجماعة: عمرنا ما كنا ولا هنكون إخوان”، الوطن، 16 يوليو/ تموز 2014.
https://www.elwatannews.com/news/details/521365
[7] “آلاء أولى علمي رياض»: سألتحق بـ«الهندسة».. ومليش في السياسة”، المصري اليوم، 15 يوليو/ تموز 2014.
https://www.almasryalyoum.com/news/details/482849
[8] “أميمة أولى أزهر بورسعيد .. ربعاوية تهدي تفوقها لوالدها المعتقل”، بوابة الحرية والعدالة، 15 يوليو/ تموز 2014.
[9] رابط المنشور.
https://www.facebook.com/shabab6april/posts/10152983464773294
[10] حمدي رزق، “قولوا مبروك لبنات الإخوان”، المصري اليوم، 16 يوليو/ تموز 2014.
