المصريون في ليبيا
يشكل حادث توقيف سبعين عاملا مصريا في ليبيا حلقة جديدة من مسلسل التضييق الذي يتعرض له المصريون في ليبيا.. حيث تكررت حوادث الاختطاف والاحتجاز والتعذيب والقتل للمصريين لأسباب متعددة.
الحادث الأخير سبقه إعلان متبادل بين السلطات المصرية والليبية في يناير الماضي إغلاق منفذ السلوم البري أمام العمالة المصرية الجديدة.. وقصره فقط على المصريين المقيمين من أصحاب عقود العمل والإقامات الرسمية.. وهو ما يشير إلى وجود توتر في العلاقات بين الجانبين يلقي بظلاله على هؤلاء الباحثين عن لقمة العيش.
هذه الأوضاع الصعبة دفعت عددا من العمال المصريين إلى العودة مرة أخرى إلى بلادهم، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والضغوط والمطاردات المستمرة.
العمالة العائدة تشكل ضغطا كبيرا على الاقتصاد المصري الذي يعاني منذ فترة من تراجع خطير في النمو وعجز لافت عن توفير فرص العمل.
كما أن عودة تلك العمالة تعني التوقف عن ضخ نحو مليار دولار من التحويلات النقدية.
الحقيقة المؤكدة أن الغالبية العظمي من هؤلاء ستنضم إلى طابور العاطلين.. مما يشكل ضغطا أمنيا واجتماعيا وسياسيا خطيرا.
دفعوا الثمن عدة مرات ومازالوا.. لم تكد ثورة يناير تنجح في إسقاط مبارك حتى انقلب نظام القذافي في أيامه الأخيرة على العمالة المصرية.. فكانت رحلة التشريد التي وصلت إلى الحدود التونسية غربا.
(فيديو لواحد من المصريين يشرح معاناته)
وتكررت فصول المأساة والاستهداف لتطال مؤخرا مسيحيين مصريين.. فكانت العودة في صناديق خشبية.. والتهمة: التبشير بالمسيحية في ليبيا.
ومؤخرا تداول نشطاء على الإنترنت مقاطع مصورة تظهر تلذذ خاطفين بتعذيب أحد المصريين بالضرب والشتم وإجباره على تناول القاذورات.
وهذا أستاذ جامعي يتعرض لفصل آخر من الإهانات.
ولم يقف الأمر عند حدود هؤلاء.. وإنما امتد ليشمل الدبلوماسيين أيضا.
(فيديو لوزير ليبي يتحدث عن اختطاف الدبلوماسيين المصريين في ليبيا)
ومع توالي حالة الشد والجذب في المشهد السياسي بين القوي الليبية المختلفة.. تتباين المواقف من المصريين.. فالبعض يحسبهم على تيارات إسلامية ويقرر الانتقام منهم.. وآخرون يضعونهم في قائمة الانقلاب بقيادة السيسي.. ويقررون الانتقام منهم أيضا.
وفي جميع الأحوال.. الكرامة مهدرة والحقوق ضائعة.. وحكومات مصر المتعاقبة بدت منكفأة على قضايا الداخل الأكثر تعقيدا.. لدرجة أنها لا تملك إحصاء دقيقا عن عدد المصريين في ليبيا
يبقي التساؤل مطروحا: أين كرامة المصري خارج وطنه.. وأين شعارات الثورة: عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.
يتساءل العائدون من ليبيا عن كرامتهم المهدرة في الخارج.. وهم يربطون ذلك بواقع أكثر بؤسا في أحضان الوطن.