المُدن الجامعية في مصر.. “سجن اختياري” للطلاب
القاهرة: أسامة الرشيدي – يستيقظ فجر كل يوم للالتحاق بوجبة الإفطار التي تنتهي بحلول السابعة رغم جودتها السيئة دون التعليق عليها بسبب ظروفه المالية، وفي المساء يعود مبكرا لأسوار المدينة الجامعية قبل إغلاق أبوابها في وجهه التزاما بالمواعيد المقررة. هذه هي الملامح الرئيسية لحياة الطالب محمد عبدالناصر اليومية في العام الأخير من كلية التجارة جامعة الأزهر.
“المدنية الجامعية ستظل على مستواها السيء طالما ليس هناك رقابة على الأموال المخصصة لها والتي تشهد فسادا ماليا من المسؤولين عليها”، يتحدث عبد الناصر عن أزمة المدينة الجامعية مع الطلاب وتدني مستواها منذ عقود، مشيرا إلى أن هناك دعما كبيرا لها من الدولة ولكنه لم يترجم إلى خدمات في المدينة الجامعية، في رأيه.
وتعد مشكلات النظافة والتغذية من أبرز ما يعانيه الطلاب داخل المدن الجامعية، فقد تعددت شكاوى الطلاب من إهمال النظافة الدورية لدورات المياه والغرف، كما يشتكون من طريقة إعداد الطعام والكميات المحدودة وتكرار حالات التسمم بسبب الأطعمة الفاسدة، والتي كان آخرها تسمم المئات من طلاب المدينة الجامعية مرتين متتاليتين في أقل من شهر في أبريل الماضي. واتضح أن أحد العاملين في المطبخ الخاص بالمدينة كان يقوم بإعداد الطعام رغم إصابته بجرح في يده وبدون استخدام قفازات الطهي، مما أدى إلى اندلاع مظاهرات طلابية عارمة احتجاجا على معاناتهم.
يضيف عبدالناصر أن الأحداث الأخيرة في جامعة الأزهر زادت من أزمة المدينة الجامعية، بعد اقتحام قوات الأمن للمدينة الجامعية مرات عديدة بحثا عن الطلاب المشاركين في المظاهرات، فضلا عن إلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع داخل المدينة، مع وقوع اشتباكات بين الطرفين، مما تسبب في حالة من الخوف والذعر وعدم الشعور بالراحة نتج عنها عدم التركيز في دراستهم.
فيما وصف محمد عبدالمنعم، الطالب بالسنة الخامسة بكلية الطب بجامعة الأزهر الخدمات في المدينة الجامعية بأنها أقرب إلى “خدمات السجن”، وأكد أن طريقة تناول الوجبات والسكن في الحجرات قريبة جدا من معاملة السجناء.
وأوضح عبد المنعم أنه لا توجد رعاية طبية في المدينة إذا تعرض أحد من الطلاب لأي أزمات صحية، فضلا عن انقطاع الكهرباء المتكرر في المدينة خلال الشهور الأولى من الصيف، والتي تتزامن مع أوقات الاختبارات.
رغم هذه الصعوبات إلا أن عبدالمنعم لا يوجد لديه خيار آخر، فأسعار الشقق خارج المدينة مرتفعة للغاية ولن يستطيع تحملها، ولذلك يلجأ للمدينة الجامعية لقلة سعر اشتراكها عن السكن في الخارج.
الصعوبات التي يعانيها الطلاب داخل المدينة الجامعية لا تقتصر على جامعة واحدة، وإنما هي سمات مشتركة بين كافة المدن التابعة للجامعات الحكومية في مصر. إذ يشتكي أحمد أشرف الطالب بكلية الإعلام جامعة القاهرة من غياب الخدمات الخاصة بالنظافة وسوء جودة الطعام، ورغم حصوله على شقة خارج المدينة بالقرب من الجامعة، إلا أنه يفضل البقاء داخل المدينة بالنظر لقلة تواجده بالقاهرة بشكل عام، ولا يأكل أحمد من مطبخ المدينة إلا نادرا، وعادة يأكل هو وأصدقاؤه من المطاعم الموجودة خارج المدينة.
في مدينة الطالبات يختلف الأمر قليلا، إذ تغلق المدينة أبوابها مع حلول الساعة الثامنة مساء، باستثناء يوم الخميس الذي تغلق فيه أبوابها في التاسعة، ويتم التشديد على الطالبات باتباع التعليمات وعدم التأخير. وهو الأمر الذي ضاعف من معاناة زينب علاء، 20 سنة، حيث التحقت بالمدينة الجامعية للطالبات بناء على رغبة الأهل لاعتقادهم بأنها أكثر أمانا من السكن بالخارج.
ولم يختلف رأي زينب عن الطلاب في الشكوى من سوء الخدمات والطعام وعدم وجود رعاية صحية. لكن وجود التلفزيون داخل المدينة يخفف قليلا من الوضع، وهذا ما تعتبره زينب من “أهم الخدمات” التي تحصل عليها.
وعلّق محمد سالم مدير المدينة الطلابية في جامعة القاهرة على روايات الطلاب قائلا: “هناك تنوع في الأصناف المقدمة للطلاب لتحسين الجودة، ومراعاة نظام الطعام باستمرار”، مضيفا أن الطعام الذي يقدم هو مثل الذي يقدم في المطاعم الخاصة.
وأوضح سالم أن المدينة الجامعية تحكمها قوانين ولوائح فيما يخص تنظيم المواعيد الخاصة بتناول الطعام ومواعيد الدخول للمدينة في المساء، ولا يمكن أن تخضع لأهواء واختيارات الطلاب.