إعلامراديو حريتنامصر

حريتنا ترصد الصراع المتبادل بين “الشروق” و”المصري اليوم”

 

لم يكن مستغربا ألا تدعو صحيفة “اليوم السابع” أيا من مسؤولي صحيفة “الشروق” إلى حفل إفطارها الذي أقامته منذ عدة أيام بمناسبة مرور عام على إصدارها، إذ قامت إدارة صحيفة “اليوم السابع” بدعوة عدد كبير جدا من الصحفيين والمسئولين في مصر إلى الحفل، لتعلن بذلك اليوم السابع انضمامها إلى صحيفة المصري اليوم في صراعها الشرس مع صحيفة الشروق، والذي ترصد حريتنا حلقاته منذ بدايته وحتى اليوم.

يعتبر التحالف بين صحيفتي “اليوم السابع” و”المصري اليوم” تحالفا استراتيجيا منذ لحظة الولادة الأولي لـ”اليوم السابع”، إذ قامت صحيفة “المصري اليوم” وقتها بتهنئة مسئولي الصحيفة، ونشرت  عدة موضوعات ومقالات تتحدث عن الصحيفة الوليدة وتثني عليها وتعتبرها تطورا كبيرا في مسيرة الصحافة المصرية، كما أن خالد صلاح رئيس تحرير “اليوم السابع” كان من أبرز كتاب “المصري اليوم”، بالإضافة إلى أن “اليوم السابع” لم تصدر بعد في طبعتها الورقية اليومية وما زالت مقتصرة على عددها الأسبوعي بجانب موقعها الإخباري، وبالتالي لم يؤثر نجاح الموقع على نجاح المصري اليوم بسبب اختلاف الوسيلة، وهوما ساهم في امتداد التحالف بينهما حتى الآن.

“حرب التجاهل” كما يمكن أن نسميها كانت قد بدأتها جريدة الشروق في شهر رمضان الماضي، عندما أقامت حفل إفطارها وتجاهلت دعوة مسؤولي “المصري اليوم”، وهو الموقف الذي أثار غضب مجدي الجلاد رئيس تحرير المصري اليوم وقال إنها إساءة إلى أكبر صحيفة في مصر كما يعتبرها، وقال في تصريح لموقع اليوم السابع إن المصري اليوم سوف تقيم حفل إفطارها وتدعو مسؤولي “الشروق”، ورغم تلك التصريحات لم تقم الصحيفة بدعوة أيا من مسئولي الشروق في حفل الإفطار لأسباب مجهولة.

وتعتبر صحيفتي “المصري اليوم” و”الشروق” من أكثر الصحف انتشارا وتأثيرا في الشارع المصري، إذ تعدي توزيع المصري اليوم أكثر من 150 ألف نسخة يوميا، بينما تمثل الشروق النخبة المثقفة في مصر من السياسيين والمفكرين وصناع القرار، وتضم أبرز الكتاب والمفكرين في مصر مثل عمرو حمزاوي وعلاء الأسواني وخالد الخميسي وأحمد كمال أبو المجد وأحمد ماهر وزير الخارجية الأسبق، كما تتزايد أرقام توزيعها يوما بعد يوم.

بدأ الصراع بين الصحيفتين مبكرا منذ الإعداد لتأسيس صحيفة الشروق، إذ سارع عدد من أبرز صحفيي “المصري اليوم” بالانضمام إلى الشروق نظرا لارتفاع الرواتب هناك، مثل صابر مشهور رئيس قسم الحوادث، وعز الدين عبده رئيس القسم السياسي، ومجدي سمعان محرر الملف القبطي، وهو واحد من أبرز الصحفيين في مصر.

كما ترك عدد من كتاب المقالات المصري اليوم وانضموا للشروق، مثل عمرو حمزاوي، وضياء رشوان، ونهى الزيني، وعمرو خالد، وأصبح الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ضيفا دائما على صفحات الشروق، كانت آخرها عندما قام بتحليل خطاب الرئيس الأمريكي أوباما في جامعة القاهرة، كما أن هناك أقاويل كثيرة تشير إلى أن هيكل هومن أعطي صحيفة الشروق تفاصيل الغارة الجوية الأمريكية على السودان الذي يعد أول انفراد عالمي للصحافة المصرية منذ خمسين عاما.

اشتد الصراع بين الصحيفتين عندما رفض الكاتب الكبير فهمي هويدي كاتب المقال اليومي بالشروق حضور لقاء مع الرئيس أوباما عند زيارته لمصر بسبب وجود أحد الصحفيين الإسرائيليين ضمن الحضور، بينما حضر مجدي الجلاد رئيس تحرير المصري اليوم اللقاء، وهو الأمر الذي أثار ضجة كبيرة في الصحافة المصرية، واتهم الجلاد بالتطبيع مع إسرائيل، بينما حاولت الشروق أن تنسب هذا الفعل لنفسها وأنها هي من قاطعت اللقاء رغم أن هويدي كان مدعوا للقاء بصفته الشخصية وليس بصفته كاتبا بها، وقام الجلاد بكتابة عدد من المقالات يبرر فيها حضوره للقاء، بينما شن وائل قنديل مدير تحرير الشروق حملة ضارية ضد الجلاد تبادلا فيها الاتهامات التي وصلت إلى حد التراشق بينهما.

“صراع الحوارات” هو شكل جديد من أشكال الصراع تبنته الصحيفتين في الفترة الأخيرة، إذ أعلنت المصري اليوم في أحد أعدادها أنها ستنشر في اليوم التالي حوارا مع يوسف ندا، مفوض العلاقات الدولية السابق بجماعة الإخوان المسلمين بعد قرار رفع اسمه من قوائم الإرهاب، ففوجئ القراء بحوار مع ندا أجرته صحيفة الشروق في نفس اليوم، مع أنها لم تعلن عنه من قبل.

أيضا عندما أعلنت المصري اليوم أنها سوف تنشر حوارا مع الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل في عدد اليوم التالي، انفردت الشروق في نفس اليوم الذي كان مقررا فيه نشر الحوار بمقابلة مع عمرو موسي أمين عام جامعة الدول العربية تحدث فيها لأول مرة عن انتخابات الرئاسة في مصر والشأن الداخلي المصري.

كانت الأحداث الأخيرة التي حدثت في مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين قبل أيام بمثابة حلقة أخري من حلقات الصراع الذي تشتد ضراوته يوما بعد يوم، وشهد تشكيك كل صحيفة في مهنية الأخرى، إذ تصدر خبر استقالة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين صدر الصفحة الأولى في صحيفة الشروق بعد اجتماع عاصف لمكتب الإرشاد نتيجة رفض أعضاء المكتب تصعيد الدكتور عصام العريان رئيس المكتب السياسي للجماعة ليصبح عضوا بالمكتب، بينما قالت المصري اليوم على صدر صفحتها الأولي إن المرشد انسحب من الاجتماع ولم يقدم استقالته، وجاء نفي المرشد لاستقالته بمثابة انتصار للمصري اليوم، واستشهدت بالدكتور عبد الحميد الغزالي، المستشار السياسي للمرشد والتي أشاد بدقة ومصداقية المصري اليوم وعدم تورطها في نشر خبر الاستقالة، منتقدا الصحف التي قامت بنشر خبر الاستقالة ومن بينها صحيفة الشروق.

وردت الشروق في اليوم التالي بحوار مع محمد حبيب نائب المرشد والذي أكد فيه إلى أن المرشد قد قام بتفويضه ليقوم بعمله، وأشار إلى أن المرشد قد انسحب من مسئولياته، وهوما يعني ضمنيا أنه قد قدم استقالته، كما هاجمت عبد الحميد الغزالي، المستشار السياسي للمرشد على لسان أحد المصادر التي لم تحدد اسمه داخل الجماعة بسبب تصريحاته حول الأزمة والتي أشاد فيها بالمصري اليوم، لتقوم بعدها المصري اليوم بإجراء حوار على مساحة صفحة كاملة مع المرشد المنسحب ليؤكد فيه عدم استقالته، ويبدو أن كل صحيفة قد اتخذت جبهة من جبهات الصراع داخل جماعة الإخوان، إذ تتخذ الشروق من محمد حبيب مصدرا للأخبار بينما تتخذ المصري اليوم من مهدي عاكف مصدرا لها.

ولم يقتصر الصراع على المجال السياسي فقط بل الرياضي أيضا، فلم تكد الشروق تعلن عن مبادرة على صفحاتها وموقعها الإلكتروني تهدف إلى نبذ التعصب والعنف بين جماهير مصر والجزائر،  حتى سارع الجلاد في اليوم التالي بالدعوة لمبادرة “وردة لكل لاعب جزائري” والتي تهدف إلى نفس ما تدعو إليه مبادرة الشروق، وسارعت كل صحيفة إلى حشد المؤيدين لمبادرة كل منهما، فتضامنت صحيفة الشروق الجزائرية مع الشروق المصرية، بينما حشدت المصري اليوم تأييد لجنة الرياضة بمجلس الشعب، واللجنة الأولمبية المصرية، وبعض الرياضيين والفنانين، لتقوم بعدها  بإجراء حوار مع وزير الرياضة الجزائرية يشيد فيه بمبادرة الشروق.

ومع تصاعد شعبية الصحفيتين وازدياد تأثيرهما، يبدو أن الصراع ستزداد ضراوته، وربما يكون هذا الصراع والتنافس مفيدا لخدمة القارئ، وربما يحدث العكس، هذا ما ستكشف عنه الفترة المقبلة.
_____________
كتبه حريتنا: أحمد عبد القوي – أسامة الرشيدي  على موقع راديو حريتنا بتاريخ 27 أكتوبر 2009

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى