يحظى (طب الأعشاب) أو ما يطلق عليه (الطب البديل) بمكانة كبيرة عند المصريين، فمن المعروف أن المصريين يثقون في العلاج بالأعشاب ويفضلونه على الأدوية الكيميائية من الأطباء، وتشهد متاجر العطارة في مصر إقبالاً كبيراً من طالبي العلاج لمختلف الأمراض، ولكن استغل البعض ذلك، ودخل في مجال العطارة كثيراً من مُدعي المعرفة والقدرة على شفاء الأمراض واستغلوا حاجة الناس لبيع بعض الأعشاب الوهمية لهم، ولكن يجب الاعتراف بأن هناك أعشاب كثيرة مهمة فعلاً في علاج بعض الأمراض، ولا يجب أن ننسى أن الأدوية نفسها تستخلص من تلك النباتات والأعشاب.
وعلى الجانب الآخر هناك بعض الأمراض التي لا تستطيع الأعشاب علاجها يقيناً، كما أن (عادل عبد العال) وقضيته التي اشتهرت في الفترة الأخيرة أعادت الموضوع إلى دائرة الجدل مرة أخرى.
هناك العديد من الأحياء اشتهرت بالعطارة وخدمة العطارين منها أحياء (المِغربلين، والعطارين، والفحامين، والخيامية، والحسينية، والحمزاوي) وكلها في القاهرة.
عمالقة التداوي بالأعشاب عند العرب
- داود الأنطاكي: اهتم بدراسة كتب الأقدمين مثل أبي قراط، وجالينيوس والرازي وغيرهم، وقام بتأليف عدة كتب ورسائل طبية أشهرها كتابه الضخم (تذكرة أولي الألباب والجامع العُجاب) الذي اشتهر باسم (تذكرة داود) وجمع في هذا الكتاب كل ما يتعلق بالعلاج بالأعشاب والنباتات، ويقع في 700 صفحة، وبلغت الأدوية المدونة فيه حوالي 1700 دواء وثلاثة آلاف وصفة علاجية، وقد عُين رئيساً لأطباء مصر.
- ابن البيطار: ولد في مدينة مالقا بالأندلس، وكان يجمع النباتات الطبية من إشبيلية، وقد قام بجولة في شمال أفريقيا وصولاً إلى الشام وآسيا الصغرى بغرض دراسة النباتات والأعشاب الطبية وأخيراً استوطن مصر حيث عينه السلطان الأيوبي رئيساً على جميع العشابين المصريين، وأنشأ في القاهرة المعيشة العربية، التي تحتوي على أكثر من 800 نبات طبي.
- ابن سينا: أمير الأطباء ورئيس الحكمة، يعتبر كتاب “القانون” من أشهر مؤلفاته التي بهرت الشرق والغرب، وقد ظل كتابه مرجعاً للغرب لأكثر من خمسة قرون. ويعتبر ابن سينا أول من اكتشف السُل الرئوي.
- أبو بكر الرازي: من أشهر أطباء المسلمين، وقد عين في منصب مدير مستشفى بغداد وتفوق على كل من عاصروه وسبقوه من الأطباء.
العطارة وإيقاعها على المستوى العالمي:
أهمية طب الأعشاب تتزايد تدريجياً في ظل الدعوة التي تنتشر وتحث على العودة إلى الطبيعة واستلهام حياتنا منها، وبالطبع تشمل تلك العودة إلى طب الأعشاب كعلاج ناجح للكثير من الأمراض ودون حدوث أعراض جانبية عكس الأدوية الحديثة.
وقد بدأت الكثير من الدول الأوروبية في استيراد كثير من أنواع النباتات والأعشاب التي تُستخدم لعلاج الكثير من الأمراض الشائعة والمعروفة مثل نزلات البرد وأمراض الجهاز التنفسي والجهاز البولي وحصوات الكلي وأمراض الجهاز العصبي والكثير من الأمراض الجلدية وأمراض ضعف وسقوط الشعر وخاصة لدى النساء.
لذلك فإن الأنظار تتجه إلى بعض الأعشاب التي لها فوائد في علاج الأمراض مثل:
- نبات الحنة: لتحضير مُستحضرات التجميل غير الضارة بالبشرة وعلاج أمراض الجهاز الهضمي.
- حَبِة البركة: تُستخدم كعلاج لأمراض الجهاز التنفسي والجهاز البولي.
- الكركديه: الذي يُستخدم بكثرة في شهر رمضان، ويساهم في تخفيف ضغط الدم وعلاج بعض حالات الصُداع.
- البردقوش: يُستخدم في خفض كولسترول الدم والتخسيس وإذابة الدهون.
والكثير من الأعشاب الأخرى.
وتتنوع الأعشاب تنوعاً هائلاً في الشكل والحجم والهيئة، والجزء الفاعل منها الذي يُستخدم في علاج الأمراض، فهناك على هيئة الأعشاب الورقية، وهناك على هيئة بذور، وأعشاب على شكل مواد حمضية، وأعشاب على شكل البلحة، وأعشاب على شكل حجري أو معدني.
التقينا بأحد أصحاب متاجر العطارة الذي يرجع تاريخ تأسيسه إلى عام 1928، ويتردد عليه كثير من طالبي الأعشاب للتداوي، ليذكُر أن المتجر قد نجح في علاج كثير من الأمراض عن طريق التداوي بالأعشاب؛ وقد اختلف معنا حول اسم (الطب البديل) وشبه الأمر بالرضاعة، فالرضاعة الطبيعية هي الأساس والصناعية هي البديل للرضاعة الطبيعية، وكذلك الأمر بالنسبة للطب، فالأعشاب والنباتات هي الأصل، والطب الحديث هو الذي جاء بعد ذلك لذلك هو من يجب تسميته بالطب البديل، فهو مُكمل للطب الطبيعي، ولم ينكر أن هناك بعض النصابين الذين يستغلون حاجة الناس، ولكن في نفس الوقت يقول إن تلك الفئة موجودة في كل مهنة، وليست في طب الأعشاب فقط، ويدعو إلى التكامل بين الاثنين (طب الأعشاب والطب الحديث) حيث يرى أن الجمع بين الإثنين هو الأفضل والمُحصلة إلى الطريق السوي، فللأعشاب فوائد عظيمة يجب استغلالها في صالح الإنسان.
ويذكر أن هناك حالات كثيرة ينجح العطار في علاجها مثل:
- حالات الربو البسيطة.
- النزلات الشعبية والسعال.
- أمراض الجهاز الهضمي مثل الإمساك والإسهال والقولون العصبي.
- حالات ارتفاع وانخفاض ضغط الدم.
- الأمراض الجلدية مثل الثعلبة، حالات الصدفية، تشقق الجلد.
- أمراض فقر الدم، والضعف العام.
- سقوط الشعر.
- زيادة ونقص الوزن.
- حالات ارتفاع السكر في الدم والبول.
- أمراض الفم والأسنان.
وبعد ذلك، لا يزال الجدل مستمراً حول أهمية وفاعلية طب الأعشاب وقدرته الحقيقية، فالأطباء يُقللون من أهميته، وفئات أخرى تعتقد بأهميته وفاعليته، والدليل هو أن الأدوية الحديثة تُستخرج أصلاً من أعشاب طبيعية، وبالتالي هناك أهمية للأعشاب، ولكن يجب وضع الأمر في إطاره وتقنينه، فإنكار أي فائدة للأعشاب هو الذي يفتح الباب للتجاوزات وحدوث فوضى في هذا المجال.
________________
كتبه اسامة الرشيدي غلى موقع زمش بتاريخ نوفمبر 2007